تجدد الاحتجاجات في غزة: صوت الشارع يعلو من تحت الرماد
أمد/ في مشهد قلّما يُرى في قطاع غزة، خرج مئات المواطنين خلال الأيام الأخيرة إلى الشوارع في مناطق متفرقة من القطاع، رافعين أصواتهم ضد استمرار الحرب، وضد غياب أي حلول سياسية تنهي المعاناة اليومية التي يعيشونها منذ شهور. الاحتجاجات جاءت كتعبير صريح عن الغضب الشعبي المتراكم، وعن رغبة متزايدة في كسر الصمت المفروض بالقوة والقمع.
اللافت أن هذه التحركات تأتي في ظل ظروف أمنية وإنسانية غاية في الصعوبة، إذ يعاني السكان من نقص حاد في المواد الغذائية، وانعدام المياه والكهرباء، وانهيار الخدمات الصحية، مما يجعل الخروج في تظاهرات فعلًا محفوفًا بالمخاطر. ورغم ذلك، أصر المتظاهرون على إيصال رسالتهم: “كفى حربًا، وكفى تجاهلًا لصوتنا”، كما كتب أحدهم على لافتة رفعها وسط أنقاض حي مدمّر.
قال أحد المشاركين في الاحتجاج: “نحن لا نعيش، نحن فقط نحاول البقاء على قيد الحياة. لا نرى من يقود هذه المرحلة بروح وطنية حقيقية، ولا أحد يعبّر عن نبض الشارع”. وأضاف: “لقد ضاقت بنا السبل، ونريد مستقبلًا لأبنائنا، لا مزيدًا من القبور”.
الاحتجاجات لم تمر دون رد فعل، إذ وردت تقارير عن تدخل بعض الجهات المسلحة لتفريق المتظاهرين، واعتقال عدد من النشطاء الذين قادوا الدعوات للتظاهر على وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، استمر الحراك بوتيرة متصاعدة، ما يعكس حجم الإحباط الشعبي من القيادة الحالية التي يُنظر إليها على أنها غائبة عن هموم الناس، أو متفرغة لصراعات سياسية لا تُعنى بحياة المواطن اليومية.
المراقبون يرون أن هذه الموجة من الاحتجاجات هي بداية تحوّل في وعي الناس، ورغبتهم في تغيير الواقع السياسي الذي فُرض عليهم لعقود. كما دعا العديد من المثقفين والكتاب إلى ضرورة الإصغاء لهذه الأصوات، وعدم التعامل معها كتهديد، بل كمؤشر على حاجة ملحة لإصلاح سياسي شامل ينطلق من الشعب ويعود إليه.
في غزة اليوم، هناك من يرفع صوته من تحت الركام، ويطالب بمستقبل يليق بالحياة، لا البقاء في دائرة الموت والخراب.