أمد/ في غزة، لا تُقاس المصائب بعدد الموتى فقط، بل بعدد القبور التي لا تضم أصحابها…

في قطاع اعتاد أن يودّع أبناءه كل صباح، ويبحث عنهم في المساء بين الأنقاض، وُلدت واحدة من أندر القصص وأكثرها وجعًا:

بيسان فياض، فتاة شابة من خان يونس، حُسبت شهيدة، ودُفنت، وبكتها عائلتها كما تُبكى الشهداء… ثم عادت.

لكنها لم تعد منتصبة تمشي نحو الباب، لم تعد ضاحكة أو حتى واقفة، بل عادت أسيرة، مشلولة، خلف القضبان.

ـ الفصل الأول: “وداع أخير لا يشبه الوداع”

في صباح شتوي من يناير/كانون الثاني 2024، دقّ جرس الباب في بيت عائلة فياض.

كان الجواب الذي وصلهم موجعًا: “عثرنا على جثمان بيسان، في مستشفى ناصر”.

هرعت العائلة إلى المكان.

جثة متفحمة، لا ملامح لها، بلا وجه، بلا عينين.

لكن معها: نصف هوية محترقة، وسلسال يحمل اسمها، وقطعة قماش من ملابسها.

قالوا لهم: هذه هي.

وهم صدقوا، أو أقنعوا أنفسهم أن هذه ابنتهم، فماذا يفعل الموجوع أمام النار؟

دفنوا الجثمان، وبكوا كما يُبكى الغائب إلى الأبد.

رفعت الأم كفّيها، وقالت: “اللهم تقبّلها شهيدة”.

أما شقيقها عنان، فكتب على صفحته: “أختي بيسان، ودّعنا روحك، وصار البيت بعدها خرابًا”.

الفصل الثاني: “الصوت الذي اخترق القبر”

في 21 مارس 2025، رنّ الهاتف.

كان اتصالاً غير متوقع، من جهة تُعنى بمتابعة المفقودين.

الرسالة كانت صاعقة: “بيسان لم تمت. بيسان معتقلة لدى الاحتلال الإسرائيلي.”

صمت…

ذهول…

“كيف؟! لقد دفناها! رأينا النعش، وضعنا التراب عليه، وبكيناها!”

لكن التقارير أكدت: بيسان على قيد الحياة.

ليست بخير، لكنها حية.

مصابة في العمود الفقري، وتعاني من شلل نصفي.

لا تتحرك، لا تستطيع أن تقف، لكنها تتنفس… وتتألم.

الفصل الثالث: “جرح مرتين”

عادت الأحزان إلى بيت فياض، ولكن بشكل مختلف.

الأمل هذه المرة مؤلم.

يقول شقيقها:

ـ “صدقيني يا بيسان، خبرك أصعب من خبر استشهادك. رجّعتي النا الحياة، بس بنفس اللحظة، قلبنا انكسر من جديد. كيف بنقدر نحتمل فكرتك بتتعذبي هناك؟”

لم يكن أصعب من فقدانها، إلا معرفتهم بأنها تتألم بصمت في سجن لا نافذة فيه.

ولا أحد يسمع.

الفصل الرابع: “الجثمان الذي ليس لها”

روت العائلة تفاصيل دفن “الجثمان” الذي لم يكن لها.

لم يُسمح لهم برؤية الوجه، أو التأكد من الملامح.

كل ما استندوا إليه كان بعض المتعلقات…

نصف بطاقة، سنسال، وبقايا محفظة.

لكن السؤال المرعب الآن هو:

“من دُفن بدل بيسان؟

من هذه الجثة؟

وكم من الجثامين التي دُفنت في غزة لا تعود لأصحابها؟”

الفصل الخامس: “ليست حادثة… بل سياسة”

لم تكن بيسان حالة شاذة.

بل ضحية لنهج مستمر.

نهج الإخفاء القسري، والتلاعب بالجثامين.

تقارير حقوقية كشفت أن 44 مقبرة في غزة تعرضت للنبش أو التدمير خلال الحرب.

الاحتلال دفن كثيرين جماعيًا، وسلّم جثامين لا تحمل هوية.

النتيجة؟ مئات العائلات تعيش الحداد… على من هم ربما ما زالوا على قيد الحياة.

ـ الخاتمة: “بين القبر والسجن… تنتظر العدالة”

الآن، بيسان فياض ليست شهيدة…

ولا حرة.

إنها حية، لكنها ليست حيّة كما نعرف الحياة.

إنها جسد مقيد، ممدد، يتنفس في سجن، وعيناه تبحثان عن نافذة، عن رسالة، عن نداء.

قضيتها ليست فقط قصة إنسانية مؤثرة…

بل شهادة دامغة على جريمة مستمرة، تمارسها دولة الاحتلال في وضح النهار، وسط صمت عالمي خانع.

ـ شارك القصة.

ـ لأن وراء كل اسم، إنسان…

ووراء كل جثمان، ربما أسير.

#بيسان_فياض

#FreeBesan

#أنقذوا_المخفيين

#الحرية_للأسيرات

شاركها.