اخر الاخبار

بعد ستة أشهر على الحكومة التاسعة عشرة..الاتصال والتواصل المجتمعي ضرورة لإعادة رسم صورة الحكومة

أمد/ مضى على إقامة الحكومة التاسعة عشرة ستة أشهر تقريباً، وقد أصدرت “تقرير أداء المائة يوم الأولى من عمل الحكومة التاسعة عشرة” نهاية شهر تموز/ يوليو الماضي؛ تضمن أعمال المؤسسات الحكومية بشكل عام والخدمات التي تم تقديمها وعرض ما تم إنجازه من إجراءات إصلاحية. إنّ إصدار الحكومة التاسعة عشر هذا التقرير يحسب لها وهو خطوة متقدمة تظهر حرصاً مبدئياً على التواصل مع المواطنين في شكله الأولي.

 فقد شمل التقرير الإنجازات والتحديات التي تواجه الحكومة في تنفيذ برنامجها المعلن وأيّة تعديلات على هذا البرنامج بناء على تجربة المائة يوم. بالرغم من أنّ هذا التقرير يعبر عن رغبة الحكومة أو رؤيتها المجسمة في برنامج الحكومة لتعزيز الشفافية والانفتاح والوضوح في أداء أعمالها؛ خاصة أنّ ظروف تشكل الحكومة وانبعاثها جد صعبة وهي مُدْركةٌ ومعلومةٌ للكافة، إلا أنّها “أي الحكومة” محمولةٌ ليس فقط على تقديم هذا التقرير للمواطنين أصحاب الحق العلوي في الرقابة عليها بل أيضا محمولة على بناء واستخدام قواعد الاتصال والتواصل المجتمعي وأدواته المختلفة للاستماع والنقاش والحوار بما في ذلك المجادلة في القضايا ذات الاهتمام المجتمعي، وتفسير أعمال الحكومة والتحديات الذاتية والموضوعية “الداخلية والخارجية” والاخفاقات التي تصيب عملها للمواطنين.

تستعرض هذه الورقة صورة الحكومة التاسعة عشرة بعد ستة أشهر على تسلمها مهام عملها أمام المواطنين بين امتلاكها لقوة دفع دستورية منصوص عليها في القانون الأساسي باعتبارها محوراً رئيسياً في النظام السياسي الفلسطيني، والبنية السياسية والاجتماعية للحكومة التاسعة عشرة، وانطباعات المواطنين حولها، مقابل جوانب التطوير اللازمة بشأن تفعيل أدوات وآليات التواصل المجتمعي للتأثير في انطباعات المواطنين ومواقفهم وآرائهم بالحكومة، وعرض أبرز ما جاء في تقرير أداء الحكومة في مائة يومها الأولى وصولاً لقواعد اتصال وتواصل مجتمعي تستجيب  لاهتمامات المواطنين في الإخبار والإعلام “الشفافية” من جهة، وتعزيزاً لحساسية واجبة لتفسير وتبرير الأفعال الحكومية للمواطنين  “المساءلة” من جهة ثانية، ورسماً لآلية للمساهمة في رسم السياسات من قبل منظمات المجتمع المدني “المشاركة/ الشراكة” من جهة ثالثة. 

 

مكانة الحكومة في النظام السياسي

 

قامت فلسفة القانون الأساسي المعدل 2003 وتعديلاته على تعزيز قدرة مجلس الوزراء ومنحه صلاحيات واسعة، وذلك بتحويل النظام الرئاسي إلى نظام مختلط رئاسي برلماني، يميل أكثر نحو النظام البرلماني؛ فقد أحدث التعديل الدستوري للقانون الأساسي بتاريخ 19/3/2003 المتمثل باستحداث منصب رئيس للوزراء في السلطة الفلسطينية تطورا في بنية النظام السياسي سواء لفصل مؤسسة رئاسة مجلس الوزراء عن مؤسسة الرئاسة وبالتالي الوصول إلى ثنائية السلطة التنفيذية في السلطة الفلسطينية من جهة، وتكريس المساءلة البرلمانية من جهة أخرى.

يمنح القانون الأساسي المعدل صلاحيات تسيير الأعمال التنفيذية والإدارية للسلطة الفلسطينية لرئيس الوزراء ومجلس الوزراء؛ كمسؤولية حفظ النظام العام والأمن الداخلي (المادة 69)، وصلاحية مجلس الوزراء تعيين رؤساء الهيئات والمؤسسات والسلطات والإشراف عليها. ووضع السياسة العامة في حدود اختصاصه، وفي ضوء البرنامج الوزاري المصادق عليه من المجلس التشريعي، وتنفيذ السياسات العامة المقررة من السلطات الفلسطينية المختصة (المادة 69)، والحق في التقدم بمشروعات القوانين إلى المجلس التشريعي، وإصدار اللوائح واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ القوانين (المادة 70). ولمجلس الوزراء إعداد الجهاز الإداري، ووضع هياكله، وتزويده بكافة الوسائل اللازمة، والإشراف عليه ومتابعته، والتأكد من تنفيذ القوانين وضمان الالتزام بأحكامها، واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، وإنشاء أو إلغاء الهيئات والمؤسسات والسلطات أو ما في حكمها من وحدات الجهاز الإداري التي يشملها الجهاز التنفيذي التابع للحكومة، وتعيين رؤساء الهيئات والمؤسسات والإشراف عليها (المادة 69). ولمجلس الوزراء وضع الموازنة العامة لعرضها على المجلس التشريعي (المادة 69). ولمجلس الوزراء مسؤولية حفظ النظام العام والأمن الداخلي (المادة 69).

كما يتمتع رئيس الوزراء بحق اختيار أعضاء مجلس الوزراء والإعلان عن أسماء التشكيلة الحكومية (المادة 65)، وحق تعديله أو إقالة أو قبول استقالة أي عضو أو ملء الشاغر فيه، وتعيين نائب له من بين وزرائه ليقوم بأعماله عند غيابه (المادة 68)، والحق في إحالة أي من الوزراء إلى التحقيق (المادة 75)، والإشراف على أعمال الوزراء والمؤسسات العامة التابعة للحكومة، وترأس جلسات مجلس الوزراء (المادة 68). ولمجلس الوزراء.

 

التركيبة الاجتماعية والسياسية للحكومة التاسعة عشر

 

تظهر التركيبة الاجتماعية للحكومة التاسعة عشرة برئاسة الدكتور محمد مصطفى أنّ متوسط أعمار الوزراء بلغ 60 عاماً، وأنّ أكبر الوزراء سناً هو السيد هاني الحايك (71 عاماً) يليه د. محمد مصطفى (70 عاماً)، فيما أصغر الوزراء سناً هو د. عبد الرازق النتشة (42 عاما) كما شكلت النساء 17٪ فقط من الحكومة “أربع وزيرات”، بينما يتولى مسيحيان اثنان حقائب وزارية (أي 9٪) مقابل واحد وعشرين وزيراً من المسلمين (أي 91٪).

فيما يتعلق بالانتماء السياسي، فإنّ أربعة وزراء من الوزراء الثلاثة والعشرين هم من حركة فتح (أعضاء مجلس ثوري أو مرشحين على قائمة حركة فتح للانتخابات عام 2021)، وثلاثة وزراء تقلدوا مناصب كرؤساء وأعضاء مجالس محلية، بينما تولى بقية الحقائب الستة عشرة كفاءات اقتصادية وأكاديمية. وقد تقلد اثنان من الوزراء منصب وزاري في الحكومات السابقة (أي 9٪) هما (د. محمد مصطفى واللواء زياد هب الريح)، فيما الواحد والعشرين وزيراً/ةً لم يتقلدوا مناصب وزارية سابقاً.

وبخصوص حالة الإقامة، بلغ عدد الوزراء من قطاع غزة سبعة وزراء (أي 30٪) فيما البقية هم من الضفة الغربية (16 وزيراً). ويتوزع أعضاء الحكومة حسب المحافظة إلى خمس وزراء من محافظة غزة، وأربعة وزراء من محافظة رام الله، وثلاثة وزراء من محافظة الخليل ومثلهم من محافظة القدس، ووزير لكل من المحافظات التالية؛ بيت لحم، وجنين، وشمال غزة، وطولكرم، ورفح، وسلفيت، وطوباس، ونابلس.

وبالنظر إلى الخلفية العملية للوزراء/ات، فإنّ عشرة منهم (أي 44٪) من القطاع الخاص سواء كانوا عاملين فيه أو رجال أعمال، وسبعة وزراء/ات أساتذة جامعات (أي 30٪)، وثلاثة عملوا في القطاع الحكومي وثلاثة آخرون عملوا في مؤسسات دولية. أما فيما يتعلق بالتحصيل العلمي؛ فإنّ نصف الوزراء تقريباً (48٪) حاصلون على درجة الدكتوراه في تخصصاتهم المختلفة كالهندسة والعلوم والاقتصاد والرياضيات والادارة، فيما ستة وزراء حاصلون على درجة البكالوريوس (26٪)، وخمسة آخرون حاصلون على درجة الماجستير (22٪)، ووزير/ة حاصل على شهادة الدبلوم (4٪).

تشير الدرجات العلمية التي يحملها أعضاء مجلس الوزراء إلى تنوع التخصصات؛ فسبعة أعضاء مختصون في الاقتصاد وإدارة الأعمال والعلوم المالية، وسبعة حاصلون على شهادة في الهندسة، واثنان يحملون شهادة في القانون، وطبيب واحد.

 

انطباعات المواطنين ومواقفهم من الحكومة التاسعة عشر

 

أغلبية المواطنين متشائمون من قدرة الحكومة على إحداث تغيير في القضايا التي يراها المواطنون ذات أولوية له، واللافت للنظر أنّ الانطباعات والمواقف والتوقعات لدى سكان الضفة الغربية أكثر تشاؤما من أقرانهم في قطاع غزة فيما يتعلق بقدرة الحكومة الجديدة على النجاح في أداء أعمالها، وفقاً لنتائج استطلاع الرأي العام رقم (93) الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية في أيلول/ سبتمبر 2024 (أي بعد خمسة أشهر تقريباً على تشكيل الحكومة التاسعة عشرة).[2]

فقد أشارت الغالبية العظمى (69%) من المواطنين إلى أنّ حكومة د. محمد مصطفى لن تنجح في القيام بإصلاحات لم تكن الحكومة السابقة برئاسة محمد اشتيه قادرة على القيام بها. وذات النظرة التشاؤمية تنطبق على التوقعات من الحكومة في تحسين الأوضاع الاقتصادية للمواطنين في أداء الحكومة وعملها؛ حيث ترى نسبة من 72% أنّها لن تنجح في تحسين الأوضاع الاقتصادية في الضفة والقطاع. وفي المجال السياسي المتعلق بإعادة ترتيب البيت الداخلي، فإنّ 75% من المواطنين يعتقدون أنّ الحكومة لن تنجح في الدفع نحو المصالحة وتوحيد الضفة والقطاع، وتقول نسبة من 73% أنّها لن تنجح في إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، وتقول نسبة من 71% أنّها لن تنجح في إغاثة قطاع غزة وإعادة إعماره في المستقبل.

 

أداء الحكومة “خطوات متقلبة”

 

في مراجعة سريعة لما ورد في تقرير الأداء للمائة يوم الأولى[3] الذي أصدرته الحكومة يفصح عن مدى الأعمال والإجراءات التي اتخذتها خلال المائة يوم الأولى من عمرها، أظهر استمرار الحكومة في تقديم الخدمات الأساسية المختلفة ووجود مبادرات متعددة لتحسينها وتطوير الأداء الحكومي ووضع الخطط المستقبلية المتعلقة بالإغاثة في قطاع غزة بالرغم من الصعوبات والتحديات السياسية والاقتصادية والمالية التي تواجهها.

كما اتخذت الحكومة عدداً من القرارات الإصلاحية والإجراءات المالية والإدارية لترشيد الإنفاق في الدوائر الحكومية، تضمنت ضبط حركة المركبات الحكومية واستخداماتها، وتحديد مهمات السفر والتعاقدات الحكومية واستئجار المباني الحكومية، ووقف شراء الأثاث والسيارات الحكومية الجديدة.  وشغل الوظائف بما فيها الفئة العليا على أساس المنافسة والشفافية بما يتيح إعمال قاعدة تكافؤ الفرص. وأكدت الحكومة على تنفيذ مرسوم الرئيس بشأن وقف تمديد الخدمة للموظفين المدنيين والعسكريين فوق سن 60، والسفراء فوق سن 65، والقضاة فوق سن 70، ووقف جميع الاستثناءات إلى جانب وقف التعاقد مع الموظفين الحكوميين المتقاعدين إلا في حال الضرورة، وأنْ يكون قد مضى على تقاعده سنتان على الأقل. وتشكيل لجنة خاصة برئاسة وزير العدل وعضوية ممثلين عن القطاعات الحكومية ذات العلاقة وممثلين عن المجتمع المدني، لمراجعة القرار بقانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية، وذلك لدراسة مدى مواءمة القرار بقانون مع الحقوق والحريات الواردة في القانون الأساسي والتشريعات ذات العلاقة، وتشكيل المكتب التنفيذي للإصلاح بالإضافة إلى اللجنة الوزارية للإصلاح. فيما أعادت وزارة المالية نشر التقارير الشهرية المتعلقة بالإيرادات والنفقات العامة.

في المقابل فإنّها لم تتخلَ عن سياسات الحكومات السابقة بعدم الاهتمام بشفافية عملها؛ حيث لم تنشر الحكومة قراراتها المتخذة في جلسات مجلس الوزراء بشكل كامل، كما أنّها قدمت خطة الإصلاح في اجتماع مؤتمر الدول المانحة المنعقد بالعاصمة البلجيكية بروكسل ما بين 2628 أيار/ مايو 2024 دون الإعلان عن ما تحتويه هذه الوثيقة “الخطة” للجمهور الفلسطيني من إصلاحات مالية وأمنية وإدارية، ولم تفصح عن أو تنشر وثيقة متكاملة “خطة الإصلاح” للشعب الفلسطيني صاحب السلطة ومالكها أي المستفيد الحقيقي “المفترض” منها. 

أثار إعلان الحكومة التاسعة عشر عن مسابقة لتعيين عدد من وكلاء لبعض الوزارات استحساناً عاماً لدى المتابعين للشأن العام لانسجام ذلك مع قاعدة تكافؤ الفرص المنصوص عليها في القانون الأساسي (المادة 26) وتطلعات المواطنين بفتح باب المنافسة في الوظائف العليا. في المقابل شكل استمرار الحكومة التاسعة عشر بالإنفاق دون وجود أو إصدار قانون الموازنة العامة في شهر تموز/ يوليو خرقاً لسيادة القانون ومثل ضعفاً لحرص الحكومة على أن تكون أعمالها وأفعالها منسجمة مع القانون الأساسي وسلامة الإجراءات المالية في الانفاق والايرادات.

 

ضعف الاتصال والتواصل المجتمعي للحكومة

 

تَنْبني سياسات الاتصال والتواصل للحكومة مع المجتمع على رؤيتها لطبيعة العلاقة مع المواطنين، وآليات التواصل المعتمدة من قبلها والوسائل المعتمدة لديها في شقي الإخبار والإعلام الواجبين لتقديم صورتها بالإضافة إلى رؤيتها في كيفية مساهمة المجتمع في إنجاح سياستها وإعادة رسمها أمام الجمهور.

فقد كانت أولى قرارات الحكومة إلغاء وزارة الإعلام دون تبرير من قبل الحكومة ورئيسها في ظل عدم “سيطرة” الحكومة على وسائل الإعلام الرسمية كالتلفزيون والراديو ووكالة الأنباء من جهة، والامتناع في المائة يوم الأولى عن نشر قرارات الحكومة حتى تلك العناوين الخاصة بها من جهة ثانية، واستمرار الغياب الإعلامي للحكومة بخيار عدم تعيين ناطقاً اعلامياً باسمها لتبرير أعمال الحكومة وأفعال أركانها والاستجابة لمتطلبات السلطة الرابعة “الصحافيين والإعلاميين والمؤثرين والناشطين” من جهة ثالثة، وضعف إعمال وظائف الاتصال المتعلقة بضمان تدفق المعلومات لضمان إخبار المواطنين، ورفع الوعي، والتأثير بما يعزز تحفيزهم  وإشراكهم في إدارة الشأن والمال العام بهدف تغيير الصورة الذهنية لدى المواطنين عن الحكومة من جهة رابعة.

طبيعة حال الحكومة اليوم، يوحي أنّ وزن الاتصال مع المواطنين عبر قنوات إعلامية مختلفة ومتعددة متصلة بالجمهور، لم يأخذ حقه في الأولويات، أو أنّ أهمية صورتها لم يشكل محوراً رئيسياً الأمر الذي غيّب صورتها وبدت كأنّها منعزلة؛ وذلك بالرغم من حرص رئيس الحكومة والعديد من الوزراء على أهمية الشراكة مع منظمات المجتمع المدني من خلال الاجتماعات الواسعة التي عقدتها الحكومة بوزرائها المختلفين مع مؤسسات المجتمع المدني، إلا أنّ الحكومة اكتفت على مدار الستة أشهر بتلك الاجتماعات، ولم تتبنى سياسة واضحة للشراكة مع منظمات المجتمع المدني وتحديد طبيعتها وآليات تلك الشراكة عبر وثيقة “White Paper” تنظم طبيعة العلاقة وطرق المساهمة في رسم السياسات ونقاش مشاريع القوانين اللازمة “الضرورية”، وتؤطر قواعد المساءلة المجتمعية للحكومة لتفسير أعمالها  وضمان اتساق السياسات مع احتياجات المواطنين باعتبار منظمات المجتمع المدني بيوت خبرة في مجالات عملها، وقنوات تواصل مع المكونات المجتمعية المختلفة، وأحياناً أدوات مساعدة للحكومة في تقديم الخدمات للمواطنين في المناطق المهمشة والمجالات التي تعجز الحكومة عن تقديمها.  

 

الخلاصة

 

مما لاشك فيه أنّ نجاح أي حكومة محمولٌ على الاستثمار في الاتصال والتواصل المجتمعي “الإخبار والإعلام التفاعلي” باعتبارهما ضرورة لتوضيح صورتها أمام المواطنين وبذات القدر مهمة لذات الحكومة نفسها لفهم مكامن الخلل وركائز النجاح من جهة، ولقدرتها على الوصول للمواطنين والاستجابة لاحتياجاتهم وفهم انطباعاتهم وطرق معالجتها من جهة ثانية، وتغيير الصورة النمطية عن الحكومة من جهة ثالثة، والتأثير في سلوكيات المجتمع وتحفيزهم للشراكة المجتمعية والمساهمة في تحمل الأعباء؛ خاصة أنّ المواطنين يدركون الظروف الصعبة التي تشكلت في ظلها حكومة د. محمد مصطفى من حيث استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتفاقم الأزمة المالية وتردي الوضع الأمني بفعل الاحتلال في الضفة الغربية.

لذا فإنّ الحكومة بحاجة إلى تبني سياسة للتواصل مع المجتمع وقطاعاته المختلفة قائمة على الوضوح في إدارة المال والشأن العام والانفتاح على المجتمع؛ وذلك لتحسين قدرتها على تقديم مواقفها من القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية المحلية والدولية التي تهم المجتمع الفلسطيني، وذلك من خلال؛

(1)  إعادة النظر في سياسة الاتصال الحكومية مع  وسائل الإعلام؛ فالإخبار هو الجزء السهل في التواصل والإعلام التفاعلي وهو الأضعف في عالم ضخامة تناقل المعلومات وقواعد البيانات، فالإعلام المطلوب هو الانفتاح  على المواطنين والانخراط في تبادل الآراء وتفسير الأعمال وتبرير الأفعال، وتقديم مواقف الحكومة من القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية التي تهم المواطنين، وتوضح مواقف مؤسسات الدولة من القضايا الإقليمية والدولية ورسم خارطة علاقاتها اتساقاً مع مصالح دولة فلسطين وقيمها، أيّ هو ساحة تواصل يومية في تفاصيل الحياة العامة لأولئك الذين يرومون ثقة المواطنين ومساهمتهم في الحياة العامة ونقل الحكومة من جهاز بيروقراطي في النظام السياسي الفلسطيني إلى حكومة المواطنين المتفاعلة والمستجيبة، والسعي نحو تفعيل الحضور اليومي والإجابة على القضايا الشائكة بوجود خطة للاتصال، ووسائل وأدوات إعلام، وناطقين للحكومة معبرين عنها يقومون بمهام الاتصال التفاعلي وليس فقط الإخبار.

(2)  تطوير سياسة الشراكة مع منظمات المجتمع المدني بتبني وثيقة ” White Paper” معتمدة تحدد مسار توجه الحكومة في التعاون والشراكة وآليات التنسيق والعلاقة الفيزيائية وقواعد الاشتباك في مسار بناء السياسات العامة ونقاش التشريعات، ومسار الرقابة الشعبية والمساءلة المجتمعية لأداء الحكومة ومجالات عملها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *