برنامج رمضان.. عمل دائم وإن قلّ!

إذا بلّغ المسلم شهر رمضان آمنا في وطنه، معافى في بدنه عنده قوت يومه عفيفا عن مسألة الناس، فذلك نعمة جليلة من الله تعالى الذي أمّد في عمره حتى يزيد في صحائف أعماله، خاصة في هذا الشهر الذي شرّفه الله تعالى على سائر الشهور بنزول القرآن فيه، وشرّفه بهذا الركن العظيم من أركان الإسلام وهو الصيام، وجعله الله تعالى بفضله فرصة للعتق من النيران ودخول الجنان، إذ فيه تفتّح أبواب الجنة، وتغلّق أبواب النّار، وتصفد المردة من الجان، فلا يضيّع هذه الفرصة عاقل رشيد مهما كانت الأسباب والـحوال.
إنّ مما يكسب الغنائم في هذه الفرضة أن يكون للواحد منّا برنامج في حدّه الأدنى، لا ينبغي أن ينزل عنه طيلة أيام الشهر ولياليه على النحو الآتي:
المحافظة على الصلوات الخمس في وقتها: قال الله تعالى: {إن الصلاة كانت على المومنين كتابا موقوتا}، بمعنى فرضا محددا بوقت لا يجوز تأخيرها عنه دون عذر شرعي. ومن استطاع أن يصليها في المسجد مع جماعة المسلمين، فإن في ذلك خيرا كثيرا، خاصة إذا علمنا أنه في شهرنا هذا تكون صلاة الصبح والعصر والمغرب والعشاء خارج أوقات الدارسة والعمل عند أكثر الناس. ومن استطاع أن يزيد على ذلك النوافل فليفعل، فإنها تجبر النقص الحاصل في الصلوات المكتوبة، ومن النافلة المؤكدة أن يحافظ على الرواتب، وهي عشر أو اثنتا عشرة ركعة في اليوم والليلة.
قراءة ورد من القرآن الكريم كل يوم: إن الله تعالى لما أراد أن يعرفنا بشهر رمضان قال: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان} البقرة:185. ويؤكد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعارض جبريل القرآن كل سنة مرة في رمضان، فلما كان العام الذي توفي فيه عارضه مرتين.
المحافظة على قيام رمضان (التراويح) طيلة شهر رمضان: فقيام الليل من أعظم ما تقرب به الصالحون، وأشرف ما يبتغيه المؤمنون، وإن فضائله لا تحصى ولا تعد. روى الحاكم وغيره بسند صحيح عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: “جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “يا محمد! عِـش ما شئت فإنك ميت واعْمَل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل، وعِزّه استغناؤه عن الناس”.
الصدقة: يكفي في التنويه بفضلها قوله تعالى: {وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين}، فتأمل في هذه الآية وانظر كيف يتمنى المتوفَى الصدقة على سائر العمل الصالح إن هو رجع إلى الدنيا، فما ذلك إلا لما علم بعد موته من فضلها وعظيم أجرها.
الدعاء: مفعول الدعاء عجيب جدا، وقد قال نبينا عليه الصلاة والسلام: “الدعاء سلاح المؤمن” رواه الحاكم. ومن لطائف الله في شهر رمضان أنه ذكر الدعاء ضمن آيات الصيام فقال: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}، وقد استنبط منها العلماء استجابة الدعاء للصائم في رمضان، وخاصة وقت الإفطار والأسحار.
فلنجعل ولنكتب قائمة بأدعيتنا وأمنياتنا ندعو بها في كل يوم وليلة، ألا يستحق والدانا أن ندعو لهم كل يوم؟ ألا يستحق أولادنا أن ندعو لهم كل يوم؟ ألا يستحق المرضى أن ندعو لهم كل يوم؟ ألا يستحق المهمومون أن ندعو لهم كل يوم؟ ألا يستحق وطننا أن ندعو له كل يوم؟ ألا تستحق أمتنا أن ندعو لها كل يوم؟ ألا يستحق أهلنا في فلسطين وغزة أن ندعو لهم كل يوم؟
* رئيس المجلس الوطني المستقل للأئمة