باقون على ارضنا، الهدف والوسيلة

أمد/ بكلمات قليلة لخص الرئيس ابو مازن في إحدى خطبه الهدف الاستراتيجي للشعب الفلسطيني في هذه المرحلة، البقاء على الأرض، نستطيع أن نقول بكل وضوح أن هذا ليس هدفا استراتيجيا فقط ولكنه ايضا اهم وسيلة نضال فلسطينية في هذه المرحلة.
باقون على أرضنا، رغم الاحتلال والاستيطان، باقون على ارضنا رغم كل الحواجز والإجراءات الإسرائيلية وعدم مقدرتنا على الحركة الا بتصريح وأذن إسرائيلي. نعرف ان الاحتلال يتحكم في كل مناحي حياتنا، الصغيرة والكبيرة، واننا لا نستطيع دفع مرتبات موظفي السلطة الا بعد استلام اموالنا تحت مسمى المقاصة من هذا الاحتلال، الذي يستخدمها ليس فقط لابتزازنا، ولكن ايضا لقرصنة جزء من هذه الاموال تحت حجج واداعاءات كثيرة منها اتهام السلطة أنها تدعم الإرهاب والارهابيين، رغم كل هذا وغيره باقون على ارضنا.
باقون على ارضنا رغم ترامب ومشروعه بتهجير أهلنا من غزة، باقون على ارضنا رغم المؤامرة على إنهاء المخيمات في الضفة، باقون على ارضنا في ظل التهديد بإنهاء دور الانروا، باقون على ارضنا في ظل الخطر القادم على شعبنا في ال48، باقون على ارضنا في ظل الخطر الذي يحيق بشعبنا في الشتات.
باقون على ارضنا، لأننا تعلمنا من تجربة الاجداد الذين هاجروا من ارضهم تحت وعود الجيوش العربية التي طمأنتهم أن هذا الرحيل مؤقت، فقط اسبوع او اسبوعين فامتد وتواصلت الهجرة الى أكثر من 70 خريفا.
باقون على ارضنا، لاننا نتعلم من شعبنا الذي صمد كاقلية على ارضه، راضيا بالموت والعيش تحت الأحكام العرفية أكثر من عشرين سنة، بل اضطرت كثير من نخب هذا الشعب أن تنضوي تحت الاحزاب الصهيونية لتحافظ على بقاء شعبها على ارضه، 150 الف فلسطيني تحولوا في سنوات قليلة إلى اقلية قومية فاعلة ومتفوقة، يفوق تعدادها ال2 مليون نسمة، ويؤرق وجودها الدولة التي تعيش بين ظهرانيها.
باقون على ارضنا رغم ال300 الف الذين نزحوا في ال1967، وارتموا في مخيمات في صحراء الأردن، وال100 ألف الذين نزحوا الى مصر في حرب 2023، بعد أن دفعوا آلاف الدولارات، ويعانون الان من شظف الحياة وقلة ما في اليد، ويطالب الكثير منهم العودة إلى غزة رغم تدميرها.
باقون على ارضنا، يعني ببساطة أن تكون هذه وسيلتنا الرئيسية في المقاومة والا نمارس أشكال من المقاومة تدفع الاحتلال وتعطيه المبرر لتطبيق خططه الجاهزة ضد شعبنا، التي يعرفها الجميع.
هنا يخرج لنا صوتان، الأول يستنكر علينا حياتنا تحت الاحتلال، التي يعايرنا بها ويصفها بأنها حياة الذل والمهانة، ويطالبنا بمقاومة اجراءات الاحتلال والتصدي لها بكل ما نملك من وسائل قتالية، لذلك يطرح أمثال هؤلاء أسئلة حول دور أجهزة السلطة الأمنية في التصدي لاجتياحات قوات الاحتلال الاسرائيلي للمدن والقرى والمخيمات في الضفة، وكأن هذه القوات تمتلك القدرة لفعل ذلك، هذه الأصوات التي تأتي خاصة من المتنعمين الاسلاميين والقومجين واليساريين في الخارج وبعضهم من الداخل ايضا تدفعنا بكل بساطة إلى خسارة معركة البقاء، معركة البقاء على الأرض لا تتحمل مثل هذه الولدنات والادعاءات والكذب البواح.
وصوت اخر من بين هؤلاء يسألنا عما يقترفه الاحتلال في الضفة الغربية وما يقوم به الآن من تجريف وتدمير وإنهاء وجود المخيمات، ماهو المبرر الذي قدمناه للاحتلال؟!
هؤلاء يتناسون المبرر الرئيسي الذي يستخدمه الاحتلال لتدمير كل الوجود الفلسطيني، لقد كان ومازال ال7 من أكتوبر أكبر هدية من الجهلة، وليس من الإله، لهذا الاحتلال لتنفيذ كل برامجه المعدة سابقا، والتي يعرفها الجميع لتدمير ليس فقط المشروع الوطني الفلسطيني بل والشعب الفلسطيني كله، اينما تواجد.
يتناسى أمثال هؤلاء ما قدمته ما يسمى بكتائب المقاومة في مخيمات ومدن الضفة من مبررات لهذا الاحتلال لتنفيذ برامجه الاقتلاعية والتدميرية بدعوى مقاومة إيران واذرعها في الضفة الغربية.
رغم كل هذا الواقع الصعب والمعقد، ورغم أن الاحتلال قد كشر عن انيابه ووجد الفرصة أمامه سانحة في ظل دعم امريكي مطلق، وانهيار كل الجدار الدولي والاقليمي والعربي الذي يستند عليه الفلسطيني، الذي بقي وحيدا في هذه المواجه المختلة لصالح الاحتلال، وفي ظل التحريض والتضليل الذي يمارس على الشعب الفلسطيني من فضائيات اشبه بالقواعد العسكرية المستنفرة ليل نهار دون كلل أو تعب، لقد نجحت هذه الفضائيات في تضليل وتشويه وعي شعبنا وشعوب المنطقة، حتى خرج كثير منا من وعيه وعقله ومنطقه وأعتقد أننا قوة عظمى نستطيع ليس فقط مواجهة هذا الاحتلال وحلفائه، بل نستطيع ايضا هزيمته والانتصار عليه.
هذا الوعي والفهم المشوه كان السبب الرئيسي في ال7 من أكتوبر وما يحظاه من تصفيق وتأييد، رغم انه كان السبب في تدمير غزة وتعريض اهلها إلى الموت والتهجير، وفتح ابواب جهنم على كل الشعب الفلسطيني أينما تواجد، في الضفة والقدس وال48 وفي دول الشتات.
لانملك رغم كل هذا الا التمسك بهدفنا الاستراتيجي ووسيلتني الرئيسية في النضال الا وهو البقاء على ارضنا.
وليس لنا من حاضنة وطنية لهذا النضال الا التمسك بسلطتنا الفلسطينية، رغم ما تعانيه من ضعف ومشاكل بنوية وواقعية.