اخر الاخبار

باريس تريد أكل “الشوك” بفم مجموعة “إكواس”

يقول الجنرال الفرنسي المتقاعد برونو كليمون إن التدخل العسكري لـ “إكواس” في النيجر “ليس بمقدوره الذهاب بعيدا ما لم يتم إسناده من قبل القوات الغربية”، وفي ذلك تأكيد بأن “الحل لا يراد له أن يكون إفريقيا” مثلما أريد تسويقه في بداية الأزمة، من خلال إقحام مجموعة “إكواس” لدول غرب إفريقيا في قلب هذه الأزمة الجارية في النيجر.

وبقدر مرافعة الجنرال الفرنسي لضرورة إسناد الغرب للقوة العسكرية لدول “إكواس” التي يراد إرسالها إلى النيجر لإعادة الرئيس بازوم للحكم، بقدر تحذيره من أنه “يجب أن يكون ذلك الدعم والإسناد سريا ولا يظهر للعيان”، فلماذا لا يقوم الغرب بتنفيذ العملية العسكرية بنفسه طالما أنه مقتنع بضعف إمكانيات القوات الإفريقية لـ “إكواس”، ويفضل دفع هذه الأخيرة لتكون في فوهة المدفع؟

الحقيقة التي يراد تغييبها أن ضعف “إكواس” ليس عسكريا، إذ بمقدور دول غرب إفريقيا بمجموعها “التغلب” على دولة واحدة مثل النيجر، وإنما ضعفها سياسي في عدم تجانس مواقف دولها بخصوص التدخل العسكري المرفوض من طرف دول أعضاء فيها، على غرار الرأس الأخضر والطوغو، وهذا الإجماع الغائب هو ما جعل أغلبية دول المجموعة تراجع حساباتها للحيلولة دون التورط في مستنقع النيجر.

لكن ما هي الدول الغربية التي أبدت استعدادها لحد الآن لدعم التدخل العسكري في النيجر، ويطالب الجنرال الفرنسي المتقاعد بأن يكون دعمها للعملية العسكرية في النيجر “سريا ولا يظهر للعيان”؟.

باستثناء فرنسا التي رحبت بقرار “إكواس” وأعلنت رسميا دعمها “اللوجستي” لهذه العملية العسكرية، فلا الولايات المتحدة الأمريكية ولا إيطاليا ولا ألمانيا ولا حتى الاتحاد الأوروبي أبدت استعدادها لإسناد هذه الخطوة العسكرية، وهو ما يعني أن باريس تريد “أكل الشوك ولكن بفم مجموعة إكواس”، أي الحفاظ على مصالحها العسكرية والاقتصادية في الساحل من دون أن تظهر في الصورة، ليس رغبة منها، وإنما لكون ظهورها في المشهد سيفشل العملية ويزيد من الشعور بالعداء ضدها شعبيا في المنطقة برمتها.

ويكون هذا الأمر وراء اتهام المجلس العسكري بالنيجر لرئيس كوت ديفوار بـ “التحريض” لأجل تنفيذ التدخل العسكري ضد النيجر، في رسالة منه على أنه يتحرك بإيعاز من فرنسا داخل مجموعة “إكواس”، ما يرجح أزمة ثنائية في العلاقات بين كوت ديفوار والنيجر مستقبلا.

موازاة مع مساعي باريس لفرض الحل العسكري في النيجر، فإنها تقوم بالمقابل منذ نجاح الوفد الديني المبعوث من نيجيريا في فتح نافذة للحوار مع المجلس العسكري الذي أطاح بحكم الرئيس بازوم، بالضغط باستعمال عدة أوراق من أجل أن لا تستغرق مفاوضات “إكواس” وقتا كبيرا، لأن ذلك من شأنه تفويت الفرصة وتقويض حظوظ المرور للعملية العسكرية، لأن “الحديد يُضرب وهو ساخن”.

ولذلك خرج وزير خارجية حكومة محمد بازوم، حسوني ماسودو الذي هرب إلى نيجيريا بعد الانقلاب العسكري في بلاده، بتصريح لوسائل الإعلام الفرنسية (قناة إذاعة فرنسا الدولية، وقناة “فرانس 24”)، يؤكد فيه بأنه لا يوجد في عقد مجموعة “إكواس” ما يدفعها للتفاوض على مرحلة انتقالية مع المجلس العسكري، وهو تصريح يحمل رسالة فرنسية إلى دول غرب إفريقيا بشأن “الخطوط الحمراء” التي تريد باريس رسمها للحل الدبلوماسي المضطرة للتعامل معه على مضض، بعد الذي حدث لها في مالي وبوركينافاسو، وأيضا جراء جعلها عودة الرئيس بازوم للسلطة شرطا غير قابل للتنازل، وهو ما أغلق عليها كل أبواب الحوار مع حكام النيجر الجدد، ما يكشف سبب تفضيلها التدخل العسكري على الدبلوماسي الذي يلقى الإجماع حاليا، ليس لدى دول القارة الإفريقية فقط، بل وسط الدول الأوروبية والغربية والآسيوية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *