أمد/ يأتي اليوم العالمي للرياضيات، في الرابع عشر من مارس كل عام، كأنه قصيدةٌ عقلانية تُنشدها الأرقام، وتُلحنها المعادلات. إنه ليس مجرد احتفال بأداةٍ للحساب، بل هو عيد للفكر البشري، وتتويج لمنطق الكون.
الرياضيات هي لغة الكون الصامتة؛ هي الخيط الذهبي الذي يربط بين الذرة والمجرة، وبين الرمال والنجوم. إنها ليست قوالبَ جامدة من الأعداد، بل هي نهرٌ متدفق من الاستدلال، يروي أرض المعرفة.

المعادلات، حين تُحل، كأنها ألغاز كونية تكشف ستائرها، لتظهر الحقيقة ناصعةً كنور الشمس.
وفي صمت الأرقام، تكمن ضجةُ النظام، حيث كل جزءٍ يؤدي دوره بدقة لا متناهية. إن صوت المنطق أعلى من كل ضجيج
 الجبر والهندسة: جسور نحو المستقبل
الجبرُ سيفٌ صقيل في يد المفكر،يقطعُ أوهامَ العشوائية ويُقيم موازين العدل بين المتغيرات.
 أما الهندسة، فهي فنانة الفضاء، ترسم بالزوايا والأضلاع جمالَ العمارة وكمالَ التصميم.
إنها تُرشدنا من المجهول إلى المعلوم، وتحول الافتراض إلى اليقين. هذه الحركة بين الضدين هي جوهر النمو العقلي.

عندما نقول الرياضيات تشغل العقل، فنحن لا نعني العضو فحسب، بل نعني القدرة على التحليل والتجريد بأسرها.

 الدعوة إلى الإدراك: ليسَ قيداً بل جناحاً
في هذا اليوم، يجب أن نُدرك أن الرياضيات ليست سجناً لطلاب المدارس، بل هي جناحٌ يطيرُ بهم إلى سماء الابتكار. إنها تُعلم العقل الصبرَ الجميل في تتبع البراهين، والجرأةَ المحسوبة في طرح الفرضيات.

 الرياضيات خارطةُ الطريق للعلوم، ودورها الأساسي في كل الاختراعات والتقنيات الحديثة.
بدون الرياضيات، لَظل الكونُ كله لغزاً أصم، وهي مبالغةٌ تهدفُ إلى تعظيم شأنها ودورها المحوري.

دعونا نحتفل بهذا اليوم لا بجمع الأعداد فقط، بل بتجديد عهدنا مع المنطق، والإقرار بأن الجمالَ الحقّ يكمنُ في التناغم الرياضي لكل ما يحيط بنا. فلنطلق العنان لعقولنا في رحابها، فهي بوصلةُ الحضارة  و نور المستقبل.                         

شاركها.