الهجوم على حلب وريفها من قبل جبهة النصرة وفصائل المعارضة السورية أهدافه وغاياته وتوقيته وتداعياته …!
أمد/ يرتبط الهجوم على حلب بعوامل عديدة، تتداخل فيها الاعتبارات المحلية والإقليمية والدولية. لتحليل الموقف معا نتناوله في عدة نقاط:
أولا من حيث التوقيت ودوافع الهجوم:
1. التوقيت:
جاء الهجوم في سياق تصاعد الصراعات في المنطقة، بما في ذلك العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان الذي اقترب نهاية شهره الرابع عشر.
يسعى بعض الفاعلون المحليون وخاصة العدو الإسرائيلي وتركيا إلى استغلال الأزمات الإقليمية لتغيير موازين القوى محليًا وإقليميا، خصوصًا في ظل انشغال القوى الكبرى بأحداث ومعارك أخرى، في مقدمتها الحرب الروسية الأوكرانية وتصاعدها والتهديدات المتبادلة بين روسيا والدول الغربية.
2. من حيث الدوافع:
محاولة جبهة النصرة وفصائل المعارضة السورية ان تسعى من خلال هذا الهجوم لإثبات وجودها في ظل التغيرات الميدانية والسياسية الذي أحدثه العدوان الإسرائيلي. على لبنان وقطاع غزة.
خاصة بعد أن تم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله إيران/ لبنان وإسرائيل وتنامي الدور الأمريكي الغربي في الإشراف على تنفيذ اتفاق الهدنه وتطبيق القرار 1701 ويضاف إلى ذلك انشغال النظام والجيش السوري في الحدود جنوب سوريا والحدود مع لبنان .. ما من شأنه أن يحقق الهجوم على حلب وريفها أهدافه بسهولة في تغيير خطوط السيطرة على الأرض، كما أن هناك أطراف خارجية قد تدعم هذا التحرك لفرض ضغوط على الحكومة السورية وحلفائها خاصة (روسيا وإيران) والضغط على النظام السوري بشأن عودة للاجئين السوريين من تركيا ولبنان كما سبق أن جرى التفاهم السوري الروسي التركي الإيراني بهذا الشأن سابقا.
يضاف إلى ذلك محاولة التأثير على المعادلات الإقليمية القائمة:
فإن تصعيد القتال في سوريا قد يكون جزءًا من استراتيجية أوسع لزيادة الضغط على ما يسمى محور المقاومة الذي يضم (سوريا، حزب الله، وإيران وحماس والحشد الشعبي والحوثيين) في ظل المواجهة المستمرة مع إسرائيل منذ الثامن من اكتوبر 2023 وإلى الآن.
الداعمون لمثل هذا الهجوم وفي هذا التوقيت:
إقليميًا: بعض الدول الداعمة للمعارضة السورية في مقدمتها تركيا وكذلك إسرائيل، وربما دول أخرى قد تقدم دعمًا لوجستيًا أو ماديًا لهذه الفصائل لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
أما دوليًا: بالتأكيد الولايات المتحدة وبعض حلفاؤها الأوروبيون قد يدعمون بشكل غير مباشر هذا الهجوم عبر تسهيل مرور الأسلحة لجبهة النصرة وقوى المعارضة أو تقديم دعم استخباراتي لبعض الفصائل المعارضة.
إن تصاعد القتال في مدينة حلب وريفها سيؤدي حتما إلى موجة جديدة من التهجير والنزوح وتوسيع دائرة الدمار في المناطق المستهدفة بالهجوم الذي من شأنه تعميق الأزمة الإنسانية لسكان تلك المناطق وما يحدثه من ضغط على النظام السوري ويفاقم من أزماته واشغاله عما يدور على حدوده الجنوبية وما يتعرض له من غارات إسرائيلية على بعض مواقعه ومواقع حلفائه من حزب الله وإيران في الأراضي السورية.
ميدانيا إذا ما استمرت الاشتباكات وتواصلت في حلب وريفها، فقد تؤدي إلى تغييرات في خطوط السيطرة على الأرض بين النظام والقوى المناوئة والمعارضة له وفي مقدمتها جبهة النصرة المدعومة تركيا وأمريكيا وربما إسرائيليا ومن جماعات الإسلام السياسي التي تمثل أدوات طيعة في يد القوى المشغلة لها.
وأما على المستوى السياسي فإن هذا التصعيد من شأنه أن يعقّد أي جهود دولية وإقليمية للحل السياسي في سوريا بين النظام وقوى المعارضة الحقيقية والوطنية.
ما علاقة هذ الهجوم بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة خاصة وفلسطين ولبنان عامة:
تساؤل مهم لابد من طرحه قد يكون هناك تنسيق مباشر أو غير مباشر، إذ جاء هذا الهجوم بعد التهديدات التي صدرت عن رئيس الوزراء الإسرائيلي للرئيس بشار الأسد مباشرة، خاصة وقد جاءت العمليات متزامنة لكنها ليست بالضرورة منسقة ومباشرة.
التصعيد العسكري في حلب يمكن أن يشتت انتباه ما يسمى محور المقاومة عن الرد على العدوان الإسرائيلي سواء على غزة أو على لبنان أو العراق أو اليمن أو على إيران نفسها.
المحصلة أن إسرائيل قد تستفيد مباشرة من تصاعد هذا القتال في سوريا لإضعاف تركيز إيران وحزب الله على المواجهة مع إسرائيل لأجل مواجهة جبهة النصرة وداعميها في الأراضي السورية.
كما يثور لدينا تساؤل هام حول علاقة الهجوم على حلب وريفها بوقف إطلاق النار الذي جرى البدء بتنفيذه بين إسرائيل وحزب الله:
قد يُنظر إلى الهجوم على حلب من زاوية ما كأداة لتعويض الضغط على حزب الله من خلال استنزاف وحلفائه في سوريا وإيران ….
إن الأطراف التي تدعم التصعيد في سوريا تراهن على بقاء الضغط على ما يسمى محور المقاومة من خلال جبهات متعددة.
الخلاصة:
الهجوم على حلب وريفها ليس معزولًا عن المشهد الإقليمي والدولي الملتهب والمتفجر وخاصة في فلسطين وأوكرانيا.
قد يكون فعلا مرتبطًا باستراتيجيات تهدف إلى إعادة رسم توازنات القوى في الشرق الأوسط، سواء على الساحة السورية أو على مستقبل قطاع غزة خاصة وفلسطين عامة في مواجهة الخطط الصهيو أمريكية المنتظرة.