أمد/ نشهد تقلبات و تسارع في الأحداث في الشرق الاوسط و العالم اجمع بشكل كبير و في آخر التطورات منذ محاولة اغتيال الوفد المفاوض في قطر “بلد الوساطة” لم يكن مجرد استهداف عابر بل كان في جوهره رسالة لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة ” مصلحة إسرائيل دائمًا فوق كل اعتبار حتى لو كان الثمن استقرار شركاء واشنطن الأقرب ” .
هذه الضربة نتج عنها تخبط داخل قطر سارعت إلى الدعوة لعقد قمة عربية في محاولة للحفاظ على ماء وجهها . لكن المفاجأة الأبرز جاءت من القاهرة حيث دعت مصر إلى إنشاء “ناتو عربي”. دعوة تحمل ثقلًا خاصا ليس فقط لأن الفكرة جريئة بل لأن مصر بتاريخها و جيشها و مكانتها ستكون العمود الفقري لأي تحالف عسكري في المنطقة و هي القوة التي سيرتكز عليها في حال قيامه و راس الحربة .
مصر تعرف جيدا أن المعركة الحقيقية ليست مع إسرائيل بل مع الولايات المتحدة التي تقف وراءها و تدرك أن التحدي الأكبر أمامها ليس مجرد الاستعداد العسكري بل القدرة على الموازنة الدقيقة بين التعاون مع القوى العظمى التي تستطيع مساعدتها في كبح الولايات المتحدة وبين الحفاظ على سيادة قرارها الوطني و عدم الوقوع في أخطاء الغير الذين فقدوا استقلاليتهم في لحظات مشابهة من التاريخ. هذه المعادلة هي أصعب ما يواجه مصر اليوم و هي التي ستحدد إن كانت قادرة على تحويل التحدي إلى فرصة.
و تعرف مصر جيدا أن اللحظة الدولية الراهنة مختلفة فالصراع بين القوى العظمى يفتح فرصة مناورة جديدة و نادرة في تاريخ مصر . فإذا اندلعت مواجهة فلن تكون مصر في عزلة و لن تواجه إسرائيل بدعم أمريكي مطلق كما اعتدنا. بل قد تجد إلى جانبها قوة دولية كبرى تبحث عن محاربة النفوذ الأمريكي في العالم مثل روسيا و الصين .
على مستوى العالم العربي أجد أن الجزائر ستكون أول الداعمين لمصر و أكبرهم بما لها من موقف ثابت و مستقل إضافة إلى دخول باكستان على الخط و هنا يجدر الذكر أن باكستان قد أعلنت بالفعل عبر تصريحات رسمية رغبتها في إنشاء “ناتو إسلامي” و هو طرح يبدو أقرب للتنفيذ من فكرة “الناتو العربي” بحكم القيود المفروضة على بعض الدول العربية و التي يتحرج البعض من الإشارة اليها . فالفيتو الأمريكي حاضر في قلب القمة العربية كما هو حاضر في مجلس الأمن ما يجعل هامش المناورة محدودا أمام عواصم عربية بعينها.
اليوم مصر أمام لحظات صعبة و العرب أمام فرصة تاريخية إذا ما وقفت القاهرة بصلابة في وجه الغطرسة الأمريكية الإسرائيلية فهي لا تدافع عن حدودها فقط بل عن المنطقة اجمع و مستقبلها و هنا يصبح الدعم العربي لمصر واجبا لا يحتمل التأجيل .