المشادة الكلامية بين ترامب وزيلينسكي تقسّم العالم

أحدث التلاسن الحاد الذي جرى، أمس الجمعة، بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ونظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في البيت الأبيض، ردود فعل متباينة من قبل العديد من الدول، ومن بينها روسيا.
لم تنجرف الدول الأوروبية مع رغبة ترامب في تسوية الحرب بين روسيا وأوكرانيا على هذا النحو غير المألوف في إدارة الأزمات والمفاوضات، فقد أكدت بروكسل دعمها الثابت لكييف، كما شددت كل من فرنسا وألمانيا على ضرورة “عدم الخلط أبدا بين المعتدي والضحية”.
وعلى غير عادتها، كانت أول المعلقين على هذه المشادة الكلامية بين الرئيسين، حيث أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تحلى بـ”ضبط النفس بعدم ضرب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، خلال مشادة كلامية بينهما في البيت الأبيض”. وكتبت على موقع “تلغرام”: “امتناع ترامب وفانس عن ضرب هذه الحثالة معجزة في ضبط النفس”.
بينما وصف كيريل دميترييف، أحد المفاوضين الروس في المحادثات الروسية الأمريكية، التي عقدت في 18 فيفري في السعودية، في منشور على منصة “إكس”، المشادة بأنها “تاريخية”.
بدوره قال الرئيس الروسي السابق، ديمتري مدفيدف، وهو المسؤول الثاني حاليا في مجلس الأمن الروسي، إنه “للمرة الأولى، قال ترامب الحقيقة للمهرج مدمن الكوكايين”.
أما أوروبا فـ”لم تتزعزع”، بتعبير الدنمارك، فقد أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، وأورسولا فون دير لايين، ورئيس المجلس الأوروبي، أنتونيو كوستا، دعم أوروبا الثابت للرئيس الأوكراني. وقالا في بيان مشترك عبر وسائل التواصل الاجتماعي: “لن تكون أبدا لوحدك. كن قويا كن شجاعا كن مقداما. سنواصل العمل معك من أجل سلام عادل ودائم”.
وتعهدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، بالوقوف إلى جانب كييف، مشككة بزعامة الولايات المتحدة للعالم الغربي. وكتبت كالاس على وسائل التواصل الاجتماعي، في أعقاب المواجهة في المكتب البيضوي: “اليوم، أصبح من الواضح أن العالم الحر يحتاج إلى زعيم جديد. الأمر يعود لنا كأوروبيين لقبول هذا التحدي”.
من جانبها، شذت المجر عن الموقف الأوروبي، إذ شكر رئيس الوزراء، فيكتور أوربان دونالد، ترامب لوقوفه إلى “جانب السلام”، وكتب عبر منصة “إكس”: “الرجال الأشداء يصنعون السلام والرجال الضعفاء يصنعون الحروب”.
أما إيطاليا فقد دعت، على لسان رئيسة الوزراء، جورجيا ميلوني، لعقد قمة “من دون تأخير” بين الولايات المتحدة وأوروبا وحلفائهما. وقالت ميلوني في بيان: “قمة من دون تأخير ضرورية بين الولايات المتحدة وأوروبا وحلفائهما من أجل البحث بشكل صريح في الطريقة التي ننوي فيها مواجهة التحديات الكبيرة الراهنة، بدءا بأوكرانيا التي دافعنا عنها معا في السنوات الأخيرة”.
كندا هي الأخرى صمدت أمام ترامب وأكدت وزيرتها للخارجية، ميلاني جولي، أن “أوكرانيا تكافح من أجل حريتها وحريتنا”، مضيفة “من الواضح أن الروس سجلوا المشادة التي حصلت اليوم. هدفنا هو التأكد من الاستمرار في دعم الأوكرانيين”.
ولم يقتصر دعم زيلينسكي على الخارج، وإنما ساندته العديد من الولايات الأمريكية في ما جرى معه في البيت الأبيض، مع رئيسهم ونائبه، ورأوا فيه إهانة له وخرقا كبيرا للبروتوكولات، وفق ما رصد في وسائل الإعلام الأمريكية والدولية. ووقّع على البيان أكثر من نصف حكام الحزب الديمقراطي البالغ إجمالي عددهم 23 حاكما. وقالوا إن الرئيس دونالد ترامب ونائبه جيه دي فانس استخدما المكتب البيضوي لـ”توبيخ” فلاديمير زيلينسكي بسبب “عدم ثقته في كلمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين”.
وقال الحكام في بيانهم: “يجب أن يحمي الأمريكيون قيمنا الديمقراطية القوية على الساحة العالمية، بدلا من تقويض عمل الرئيس زيلينسكي للقتال من أجل وطنه وحرية شعبه”.
وانقسم الرأي العام بين مؤيد لترامب على “شجاعته وصراحته وكسر البروتوكلات”، ولائم له على أسلوبه في الحديث مع ضيفه وتدخل نائبه في محادثة بين رئيسين.