“المرأة حققت الكثير من المكاسب لكن حضورها السياسي تراجع”
تؤكد لويزة آيت حمادوش، أستاذة العلوم السياسية، أن حضور المرأة في عالم الشغل خاصة في الإدارات العمومية والتعليم بات قويا، لكن تمثيلها المجال السياسي سجل تراجعا في الفترة الأخيرة بفعل التخلي عن نظام الحصص في البرلمان. وتوضح آيت حمادوش في هذا الحوار مع “”، أن مشاكل المرأة مرتبطة بشكل عام بواقع المواطنة الراهن في الجزائر.
ما هو تقييمك لواقع المرأة اليوم بالمجتمع، وما هي المكتسبات التي حققتها؟
لا يمكن أن يكون هناك تقييم شامل وعام لواقع المرأة، حيث يفترض القيام بتقييم حسب القطاعات وحسب المراحل التاريخية، الفئات الاجتماعية المعنية.
إذا تحدثنا عن الجانب الاقتصادي، فسنلاحظ مثلا أن وجود النساء في مناصب الشغل خاصة على المستوى العمومي كبير جدا كما أن الوجود النسوي سيطر منذ سنوات على قطاع التعليم، الصحة والإدارة والقضاء. وإذا تطرقنا إلى ميدان التعليم والجامعة نلاحظ وجودا كبيرا للعنصر النسوي، وقد تم تحقيق هذا التواجد منذ عقود فهذه النتائج ليست بالجديدة.
ما يقابل هذه القطاعات التي حققت فيها المرأة الجزائرية تقدما ملحوظا منذ عدة عقود، هو ركود من الناحية الاقتصادية في القطاع الخاص مثلا حيث نجد نشاطا للنساء في السوق السوداء، وهو أمر سلبي يمثل مشكلا كبيرا على المرأة من حيث حرمانها من حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والصحية (التأمين الاجتماعي، التقاعد…).
كما نلاحظ تركز النساء في تخصصات دون الأخرى والمتمثلة في العلوم الاجتماعية والإنسانية، بينما نقص وجودها في مجال العلوم الدقيقة والتكنولوجية، وهذا ينعكس على حظوظها في سوق العمل الذي بات يعرف اليوم معوقات قانونية وبيروقراطية كثيرة.
ما هي الحقوق التي تتمتع بها اليوم المرأة في المجال السياسي؟
يوجد تراجع كبير لحقوق المرأة في هذا الميدان، بما أن تغير المنظومة القانونية التي كانت تفرض على الأحزاب السياسية حصصا لوجود النساء في المؤسسات المنتخبة، سيما في البرلمان، بعد أن تم التخلي عن تطبيق قانون الحصص الذي يعود إلى إصلاحات 2012.
وقد لاحظنا انعكاسات هذا التراجع في انخفاض كبير للتمثيل النسوي في البرلمان، حيث تدرحرج إلى حوالي 8 بالمائة، بينما كانت نسبة النساء في البرلمانين السابقين حوالي الثلث.
على مستوى أوسع، تبقى الصعوبات التي تواجهها النساء في الفضاء العام مرتبطة بالإطار العام لممارسة المواطنة الكاملة التي تقتضي توفير مجموعة من الشروط السياسية والقانونية والقضائية.
ما هي العقبات التي لا تزال تواجه المرأة بالمجتمع؟
هنالك عقبات ثقافية مرتبطة بالأفكار، الأحكام المسبقة، التقاليد، بالإضافة إلى التيارات المتمسكة بأفكار محافظة. كما توجد أبعاد أخرى، ففي الميدان الاقتصادي يمكن اعتبار أن عدم وصول الاقتصاد الجزائري لدرجة من الانفتاح يحول دون تطور المقاولاتية الخاصة، سواء تعلق بالرجال أو النساء. فالعراقيل التي يواجهها الرجال في مجال تأسيس شركات عديدة وهي أكثر عددا وتعقيدا بالنسبة للنساء.
ما هو تقييمك لانخراط المرأة في المجتمع المدني؟
أعتقد أن المجتمع المدني في الجزائر محل إشكال كبير، سيما وأن المجتمع المدني الحقيقي عبارة عن منظمات تطالب وتمارس نشاطاتها في استقلالية تامة.
في ما يخص دور النساء فيه، فنلاحظ حضورا معتبرا للعنصر النسوي خاصة في المنظمات التي تنشط في الميدان الاجتماعي والخيري والجندري، لكن اعتقد أن المشكل يبقى في فعاليتها وليس في ما هو ظاهري، أي أن فعالية هذه المنظمات نسبية وذلك نتيجة لضعف استقلاليتها.