المخزن لا يكفُّ عن تسميم علاقات الجزائر مع محيطها
تنامت في الأيام الأخيرة حملةٌ تضليلية مركزة بقيادة وسائل إعلام ذات صلة بالمخزن، زعمت أن الجزائر تتدخل في الشأن التونسي، وهي نفس الجهة التي استهدفت قبل فترة علاقة الجزائر ببعض الدول العربية وخاصة الخليجية، وعلى رأسها المملكة السعودية، وكانت أخطر المزاعم المخزنية ترويجها لفزاعة “رعاية الجزائر للنفوذ الإيراني”، و “تسهيلها لدخول مسيرات إيرانية في منطقة شمال إفريقيا”.
لم تكفّ الآلة الدعائية المغربية عن استعمال اللوبيات والضغط على الحكومات وعلى النخب العربية والغربية، من خلال ترويج المزاعم وبث السموم في علاقات الجزائر بمحيطها الإقليمي والعربي. فقبل فترة قصيرة زعمت الدعامات الإعلامية المخزنية أن الجزائر وضعت بين أيدي قيادات في جبهة البوليساريو طائرات “درون” هجومية إيرانية المنشأ، لضرب استقرار المنطقة! وهي الأسطوانة التي تلقفتها وروجت لها وسائل إعلام وشخصيات غربية، وحتى عربية، تتبنى مواقف عدائية ضد الجزائر بدعم مغربي.
ورغم الإشادة الأممية بجهود الجزائر في تعزيز أمن واستقرار منطقة الساحل وشمال إفريقيا، إلا أن التحالف المخزني الصهيوني كثف من حملة التضليل والترويج لمزاعم تمدد إيراني وتهديده لمنطقة شمال إفريقيا عبر البوابة الجزائرية، قبل أن تسقط تلك الرواية في الماء مع عودة العلاقات بين الرياض وطهران بشكل فاجأ أصحاب تلك المخابر المعادية.
ولحشد دعم الغرب وحتى دول عربية، كثفت الصحف المغربية من حملتها المحبوكة في الخيال المخزني بأن إيران نشرت المُسيَّرات في شمال إفريقيا (تقصد في الجزائر)، ونقل التحالف الإسرائيلي المغربي “هواجس” المغرب “كبلد مستهدف بشكل مباشر” إلى فضاء أوسع غربيا وإقليميا.
وبعد مسار طويل ومركز من بث الفتنة بين الجزائر والسعودية عبر المنصات الإلكترونية، خرج السفير السعودي لدى الجزائر عبد الله بن ناصر البصيري إلى العلن، متهما صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي بنشر أخبار تهدف إلى “بث الفتنة والفرقة بين الشعبين السعودي والجزائري”.
وقال في كلمة وجهها خلال احتفال السفارة بذكرى تأسيس المملكة: “أود أن أشير إلى أمر لاحظته على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا، إذ يقوم بعض الأشخاص ذوي المعرفات الوهمية المجهولة بنشر أخبار ومواضيع مختلفة من أجل بث الفتنة والفرقة بين الشعبين السعودي والجزائري الشقيقين”.
وفي آخر محاولات الإضرار بعلاقة الجزائر بجارتها الشرقية تونس، وبمحاولة التشويش على مساعي الجزائر للصلح بين الأطراف التونسية المتنافرة، لجأ المخزن إلى وسائل إعلام في فرنسا ومرتبطة به، زعمت أن “الجزائر كانت على علم مسبق بقرار السلطات القضائية التونسية توقيف الغنوشي، في إطار صفقة سرية بين الرئيسين”، وهو ما دفع الجزائر عبر مختلف وسائل الإعلام الوطنية إلى نفي ما جاء في الصحيفة المعروفة بولائها للمخزن.
وفي الشأن ذاته، دعا الدبلوماسي التونسي علي بن عرفة أمس الجزائر والرياض إلى ممارسة دورهما العربي والأخوي من أجل الإفراج عن رئيس البرلمان السابق راشد الغنوشي وبقية المعتقلين السياسيين.
ونقلت وسائل إعلام عربية عن بن عرفة قوله إن الجزائر التي تترأس القمة العربية، والسعودية التي تستعد لاحتضان القمة المقبلة في ماي المقبل، يمتلكان القدرة لإنهاء المظالم التي يتعرض لها معتقَلون سياسيون في تونس.
واستنكر بن عرفة إقحام اسم السعودية في الخلافات السياسية التونسية، واستبعد ما ورد في بعض المواقع الإلكترونية من علم السلطات الجزائرية بقرار النظام التونسي اعتقال زعيم حركة “النهضة” راشد الغنوشي، وعدم ممانعتها في اعتقاله، وتخليها عن من يعتبره البعض حليفها في تونس إرضاء للسلطات السعودية.
وقال بن عرفة: “على العكس من ذلك، فإن الجزائر والسعودية تربطهما علاقات أخوية تاريخية بتونس وجميع الطيف السياسي، وفي مقدمتها حزب النهضة وزعيمه الغنوشي”، وأضاف: “أعتقد أن السلطات الجزائرية ستعمل من خلال علاقاتها القوية مع قيس سعيد على وقف اعتقال الشيخ راشد الغنوشي حرصا على استقرار البلاد”.
ودعا بن عرفة الأطراف السياسية في تونس، خاصة القوى الديمقراطية من أنصار الشرعية ومعارضي الانقلاب، إلى عدم الانسياق وراء هذه الشائعات التي قال إنها “تسعى للوقيعة بين تونس وقواها الحية، وبين محيطها الإقليمي والعربي، والحرص على الحفاظ على سلامة العلاقات مع الدول الصديقة والشقيقة، خاصة مع دول الجوار المغاربية والمملكة العربية السعودية”، حسب تعبيره.