أمد/ فاقم قرار مجلس الامن الدولي 2803 الصادر فجر أمس الثلاثاء 18 تشرين ثاني / نوفمبر الحالي بموافقة 13 عضو وتحفظ كل من الصين وروسيا عليه، من حالة التخبط والاستقطاب في الساحة الفلسطينية بعد موافقة قيادة الشرعية، واعتراض العديد من القوى السياسية عليه، نتاج القراءات المختلفة لتداعياته وارتداداته على مستقبل الأهداف والثوابت  الوطنية، ولا اعتقد أن الرئاسة الفلسطينية غاب عنها المثالب والاخطار الماثلة في القرار، لكنها تعاملت معه كممر اجباري، وليس خيارا وطنيا، وفق ما اعتقد، ومن قراءتي للمعادلة السياسية المحلية والعربية والدولية، مع أن بعض القوى الفلسطينية والدولية كانت ترغب بتأجيل الموافقة عليه، وعدم التسرع في القبول به قبل المحاولة في الممانعة النسبية لدفع الولايات المتحدة لإحداث تعديل ثالث عليه، بحيث تأتي بنوده واضحة وجلية فيما يتعلق بالمصالح الوطنية، والربط الواضح بين الضفة الغربية بما فيها القدس العاصمة وقطاع غزة، وتحديد جدول زمني واضح للانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وإبراز دور هيئة الأمم المتحدة كراعي مركزي لتنفيذ القرار، وعدم تسليم الراية لمجلس السلام الدولي برئاسة الرئيس الأميركي، شريك إسرائيل في الحرب على الشعب الفلسطيني.
وبسبب البعد الأخير تحفظ القطبين الروسي والصيني على القرار، لإدراكهما أن الصيغة التي جرى التصويت عليها منحت الولايات المتحدة السيطرة على مقاليد الأمور، ليس في المسألة الفلسطينية فقط، انما على الإقليم والمستوى الدولي، ولهذا اعتبره الرئيس دونالد ترمب قرارا تاريخيا، لأنه حقق له مكسبا استراتيجيا على المستوى العالمي، وأطلق اليد الأميركية لتنفذ مآربها، وأهداف إسرائيل، فضلا عن ان، مصادقة مجلس الامن على القرار ترك ندوبا نسبية على التحولات الجيو سياسية الدولية.
بالمقابل القوى السياسية الفلسطينية المعارضة وخاصة حركة حماس ومن يدور في فلكها، مهدوا لتمرير القرار 2803 في مجلس الامن، كونهم غلبوا مصالحهم النفعية واجنداتهم الخاصة على حساب المصالح الوطنية، وضيقوا الخناق على القيادة الشرعية عبر تساوقهم مع حلفائهم “الضامنين” لخطة ترمب، وسعوا بشكل مقصود للفصل بين الضفة وغزة، نتاج رفضهم تولي الحكومة الفلسطينية مسؤولياتها السياسية والقانونية المباشرة على القطاع، دون المرور بالمرحلة الانتقالية ولجنة التكنوقراط الفلسطينية، كل ذلك فتح الباب واسعا أمام مسودة مشروع القرار الأميركي للمرور بأغلبية الأصوات في مجلس الامن. وبعدما شعروا بالأخطار التي يحملها القرار، أخذوا يندبون حظهم، وأصدروا البيان تلو الاخر ضده.
الآن ما العمل؟ هل يبقى المشهد الفلسطيني في حالة التخبط والتجاذب والاستقطاب، أم البحث عن مخرج وطني مشترك لصد وتحجيم ارتدادات القرار الاممي الجديد، الذي جب الإنجازات الوطنية على الصعد العربية والدولية، وفي المحاكم الدولية؟ وما هي مسؤوليات كل فصيل على حده، والمسؤوليات العامة الفلسطينية؟
أولا من الضروري مراجعة كل فصيل سياسي لتجربته خلال العامين السابقين، وتحديد الإيجابيات والسلبيات، ووضع استخلاصات برنامجية واضحة لمواجهة المرحلة القادمة؛ ثانيا عقد لقاء وطني جامع للقوى والنخب السياسية المستقلة في إطار المجلس الوطني أو المجلس المركزي، أو الاتفاق على صيغة جامعة للكل السياسي للاتفاق على برنامج مشترك؛ ثالثا تملي الضرورة على كل قوة سياسية والقوى المختلفة على الخروج من نفق الازمة والتجاذبات القائمة ببرنامج الحد الأدنى، وتحديد روزنامة لتجديد هيئات منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب عبر الانتخاب حيثما أمكن، وتحديد موعد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، كما أقرت ذلك اللجنة التحضيرية ذات الصلة بهذا الملف؛ رابعا الاتفاق المشترك على برنامج الإصلاح الوطني الشامل، لا وفق الاملاءات الغربية عموما والأميركية الإسرائيلية خصوصا، لأن هدف الغرب الامبريالي هدم وتبديد مكانة ودور منظمة التحرير الفلسطينية، ونزع كل ملمح وطني في المناهج التعليمية، وطمس السردية الفلسطينية التاريخية، والالتفاف على ملف اسر الشهداء والأسرى، وتحويل الكيانية الفلسطينية الى كيانية منزوعة الدسم الوطني، وتجريدها من دورها الوطني الريادي المفترض، حتى بلوغ الاستقلال والسيادة الكاملة للدولة الفلسطينية وضمان حق العودة للاجئين لديارهم وفق القرار الاممي 194.

 

شاركها.