أمد/ أولاً، وقبل أي كلام، رحمةُ الله على الشاب إيليو أبو حنّا، ولْيصبر الله قلب والدته وعائلته ومحبيه.

لكن المأساة التي أنهت حياة إيليو لم تكن حادثة معزولة، بل فتحت من جديد ملفا طويلا ومؤلما عن ضحايا المخدرات وتفلت السلاح، تلك الآفة التي حصدت مئات الشبان، فلسطينيين ولبنانيين وغيرهم، في مخيم شاتيلا وغيره من المناطق على مدى عقود من دون أن يتحرك أحد من المسؤولين الفلسطينيين أو اللبنانيين.

الجريمة الأخيرة دفعت لجنة الحوار اللبنانيالفلسطيني إلى إصدار بيان دانت فيه ما حصل، واعتبرته نتيجة للسلاح المتفلت داخل المخيمات.

غير أن هذا التوصيف يحتاج إلى إعادة تصويب ووضع في سياقه الحقيقي: فالقضية لا تقتصر على فوضى السلاح، بل تتجاوزها إلى ملف تجارة المخدرات وترويجها، وهي ظاهرة يعرف الجميع مدى تمددها وخطورتها على المجتمعين الفلسطيني واللبناني على حد سواء.

هنا تطرح أسئلة مشروعة على لجنة الحوار والفصائل الفلسطينية والأجهزة الأمنية اللبنانية:

* لماذا تحول مخيم شاتيلا إلى سوق للمخدرات؟

وهو أمر يرفضه أهالي المخيم الذين قاموا بتحركات عديدة خلال السنوات الماضية، لكن أحدا لم يصغ إلى أصواتهم.

* من يتحمل مسؤولية دخولها وانتشارها وترويجها داخل المخيم؟

* لماذا صمتت الفصائل واللجان الأمنية والشعبية طوال العقود الماضية عن كارثة دمرت صورة المخيم وأجيالا من أبنائه ولم يتخذ أي إجراء جدي للقضاء عليها؟

* ولماذا استدعى الحادث الأخير بيانا من السفير الفلسطيني في لبنان يشيد فيه بتسليم الأمن الوطني للمشتبه بهم بقتل الشاب اللبناني؟ هذه الجدية والسرعة بالمتابعة لم نشهدها سابقا، هل لأن الشاب لبناني؟ وهل يختلف الدم اللبناني عن الفلسطيني او السوري او غيره؟ مع العلم أن ملف المخدرات برز إلى الواجهة قبل زيارة الرئيس محمود عباس إلى بيروت وبعدها، وشهد مخيم شاتيلا اشتباكات أوقعت ضحايا في ظل تسلم السفير الجديد مهامه.

* لماذا تحرك الأمن الوطني الفلسطيني اليوم وسلم متهمين بالحادث، بينما غاب عن المشهد سابقا؟

أما في ما يخص السلاح داخل المخيمات، فالسؤال الأهم: لماذا لم تدرج الأسلحة الفردية ضمن عملية التسليم التي جرت قبل شهرين، واكتفي فقط بتسليم السلاح الثقيل؟ ولماذا لم تطالب الدولة اللبنانية بجمع كل أنواع السلاح، خفيف كان أم متوسط أم ثقيل من داخل المخيمات لضمان أمنها وأمن محيطها؟

مقتل إيليو أبو حنا لم يفتح فقط جرح المخدرات والسلاح، بل كشف أيضاً عن خطاب تحريضي واسع في بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل والناشطين وغيرهم ضد اللاجئين الفلسطينيين وسكان المخيمات. ومع ذلك، لم يسأل أحد:  ما سبب وجود الشاب اللبناني المسيحي في مخيم شاتيلا؟

الجميع يعرف الجواب، لكن المعتاد أن الأضعف هو من يتلقى الصفعة.

إن دم إيليو، ومعه دماء كثيرين غيره من الشباب الذين سقطوا ضحايا المخدرات أو السلاح المتفلت، هو أمانة في أعناق المسؤولين اللبنانيين والفلسطينيين معاً.

لقد آن الأوان للتحرك الجاد قبل أن يسقط المزيد من الأبرياء، وقبل أن تدفن الحقيقة تحت رماد الخطابات والبيانات.

شاركها.