اخر الاخبار

المحطة البحرية الجديدة بميناء عنابة.. اللغز!

أعطى والي عنابة، عبد القادر جلاوي، خلال فعليات الدورة العادية للمجلس الشعبي الولائي، الضوء الأخضر لجميع الفعاليات من منتخبين ومجتمع مدني ومصالح الأمن المختصة، لفتح تحقيق إداري وأمني وجمع المعلومات والمعطيات الحقيقية، حول الأسباب التي تقف وراء “إفشال نشاط المحطة البحرية الجديدة” وخلفيات إلغاء وتقليص برنامج رحلات النقل البحري من الموانئ الأوروبية إلى ميناء عنابة.

تسببت هذه الوضعية المؤسفة للمحطة البحرية، في عزوف شبه تام للجالية الجزائرية المقيمة بالخارج من دخول أرض الوطن عبر ميناء عنابة وتفضيلهم التوجه إلى موانئ أخرى بولايات مجاورة، على غرار مينائي سكيكدة وبجاية لأسباب تبقى مجهولة.

لم يرق النقل البحري بولاية عنابة إلى المستوى الذي يطمح إليه مستعملو هذه الوسيلة والسلطات العمومية، على الرغم من تغيير طريقة التسيير، بعد أن اتضح العجز الفادح عن ضمان برنامج رحلات نقل المسافرين على مستوى المحطة البحرية الجديدة، التي التهمت لحد الآن ما يفوق 700 مليار سنتيم، دون أن يحقق هذا المرفق العمومي الضخم الأهداف المرجوة من أجل تطوير وعصرنة الملاحة البحرية عبر أكبر الموانئ الجزائرية، بعد مينائي الجزائر العاصمة ووهران.

 

المحطة البحرية الجديدة التهمت 700 مليار سنيتم دون جدوى

 

قرار السلطات المحلية اللجوء إلى فتح تحقيق إداري وأمني على مستوى نشاط المحطة البحرية الجديدة بولاية عنابة، الذي يخضع لمتابعة من طرف وزارة النقل، جاء من منطلق التقرير الأسود الذي تم عرضه من طرف أعضاء لجنة تهيئة الإقليم والنقل بالمجلس الشعبي الولائي، خلال الدورة العادية للمجلس، الذي تضمن معلومات وإحصائيات صادمة وخطيرة حول نشاط النقل البحري بميناء عنابة، والعزوف شبه تام للجالية الجزائرية المقيمة بالخارج عن دخول أرض الوطن عبر المحطة البحرية الجديدة بولاية عنابة، على الرغم ما توفره هذه المحطة على تجهيزات ومعدات حديثة وعصرية، تسهل الحركة التجارية والنقل البحري للمسافرين وتقدم خدمات عالية الجودة.

 

فضيحة الرحلة البحرية لشهر سبتمبر تثير صدمة المنتخبين والسلطات

 

فضحت الأرقام والإحصائيات، التي قدمتها لجنة تهيئة الإقليم والنقل بالمجلس الشعبي الولائي، الوضعية المؤسفة لهذه المحطة الجديدة، التي تم برمجة خلال سنة كاملة 2024، سوى أربع رحلات لنقل المسافرين انطلاقا من ميناء مرسيليا بفرنسا إلى ميناء عنابة، منها رحلة واحدة في شهر أفريل 2024، و3 رحلات في سبتمبر من السنة نفسها، عرفت دخول 221 مسافر و148 سيارة سياحية فقط.

واستغرب أعضاء لجنة تهيئة الإقليم والنقل، خلال عرضهم للتقرير السنوي للجنة، ما وقع خلال رحلة 3 سبتمبر 2024، التي كانت بمثابة “الفضيحة المدوية”، بعدما تم تسجيل قدوم 5 مسافرين وسيارتين فقط، على متن باخرة طاسيلي 2، التي انطلقت من ميناء مرسيليا، على الرغم من أن طاقة الاستيعاب لهذه الباخرة الجزائرية تصل إلى حدود 900 شخص و300 مركبة بمختلف أحجامها.

وما يجعل حجم هذه الفضيحة كبيرا، حسب ما ورد في تقرير لجنة تهيئة الإقليم والنقل، هي الأرقام المذهلة التي تم تسجيلها عند عودة المسافرين والجالية المقيمة بالخارج إلى فرنسا، مقارنة بدخولهم إلى أرض الوطن، حيث تم تسجيل مغادرة عبر ميناء عنابة لـ 2551 مسافر و1036 سيارة.

هذه المعطيات الخطيرة، التي أدرجتها لجنة تهيئة الإقليم والنقل في تقريرها السنوي، تتطلب، حسب بعض منتخبي عنابة، فتح تحقيق عاجل على أعلى المستويات في هرم السلطة، لكشف المتسببين في هذه الفضيحة، والعزوف شبه تام للجالية الجزائرية بالمرور عبر ميناء عنابة والدخول إلى أراض الوطن والتسهيلات الممنوحة من طرف أجهزة الدولة إلى المسافرين عبر الموانئ الجزائرية، في حين يتم تسجيل استغلال ودخول المسافرين بالمئات عبر ميناء عنابة للعودة إلى فرنسا.

لكن ما حدث في ميناء عنابة، حسب بعض المنتخبين، خلال رحلة شهر سبتمبر، لا يجب السكوت عليه، إذ من غير المعقول أن تبرمج مؤسسة الوطنية للنقل البحري، وما يكلفها من أعباء مالية ضخمة، على غرار خسائر تعبئة الوقود وعقود التأمين وتكاليف الرحلة والرسو عبر الموانئ الأجنبية ومصاريف الموارد البشرية للعاملين على متن الباخرة، ثم في الأخير لا تجني منه شيئا.

 

المطالبة بلجنة تفتيش لفضح المتسببين في “قبر” الملاحة البحرية بعنابة

 

دعا عدد من المنتخبين على هامش دورة المجلس الشعبي الولائي، مصالح الوزارة الأولى بإيفاد لجنة تحقيق رفيعة المستوي، للتحري في ملف من يقف وراء إفشال و”قبر” نشاط النقل البحري بولاية عنابة، لاسيما وأن بعض المعوقات، التي تم تسجيلها في وقت سابق، وكانت محل شكاوي من طرف المسافرين والمتعاملين، تم إزاحتها، على غرار التحويلات التي تمت عبر المديرية العامة لتسيير الموانئ، بالإضافة إلى التغييرات التي أقرها المدير العام للجمارك، منذ بضعة أشهر على مستوى المديرية الجهوية للجمارك ومفتشية الأقسام، التي كانت من بين النقاط التي تمت معالجتها بناء على اقتراح من والي الولاية، بعدما تلقى العديد من التقارير والتظلمات من طرف مواطنين وبعض المتعاملين.

وحسب هؤلاء المنتخبين، فإن غياب رؤية واضحة للتسيير النقل البحري بميناء عنابة، وعدم وجود مؤسسات محترفة، والترويج للمعلومات المغلوطة، بالإضافة إلى عوامل أخرى، على غرار العراقيل والضغوط التي تمارس على المسافرين عبر نقاط التفتيش بالميناء، كان وراء تدهور تحسين مستوى أداء النقل البحري، على الرغم من محاولة السلطات العمومية احتواء هذه المشاكل.

لكن المشكل الحاصل بميناء عنابة أعمق من ذلك، منها وجود عصابات محترفة تنشط بالدخل والخارج، تريد تحويل الرحلات البحرية القادمة إلى ميناء عنابة إلى موانئ أخرى، لتسهيل عمليات تمرير مختلف البضائع، بعد الترويج لمعلومات مغلوطة في أوساط الجالية، بأن ميناء عنابة يخضع لمراقبة صارمة ودقيقة من طرف مختلف المصالح الرقابية تعيق نشاطهم.

يحدث هذا في الوقت الذي راسل فيه والي عنابة، السلطات العليا للاستفسار عن الركود الذي تشهده المحطة البحرية وتذبذب برنامج الرحلات نحو الموانئ الأوروبية، إلى جانب وضعية المركز التجاري “مول” الذي ما زال لم يدخل حيز الخدمة إلى يومنا هذا، رغم تعليمات وزراء النقل المتعاقبين خلال الزيارات التفقدية بضرورة تفعيل نشاط هذه المحطة البحرية، دون جدوى.

علما أن المحطة البحرية لميناء عناية تم تدشينها رسميا في 5 جويلية 2023، بعد 6 سنوات من الغلق بسبب تأخر الأشغال وتعطل الإجراءات الخاصة بمنح المحلات التجارية للمستغلين بعد إتمام كل الإجراءات، حيث بقيت المحطة البحرية الجديدة مجرد هيكل دون روح.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *