المحارشي يعزز قواعده في مسعى إلى تجنب الإقصاء من القيادة الجديدة لحزب الأصالة والمعاصرة اليوم 24
خارجة للتو بخسائر فادحة من هيكلة المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، تسعى قيادات هذا الحزب على صعيد جهة طنجة تطوان الحسيمة، التي كانت مركز ثقل لهذا الكيان السياسي، إلى تجنب نكسات إضافية على مستوى إعادة الهيكلة الجارية في الفروع هناك.
محمد الحموتي، الشخصية البارزة في الحزب، الذي جرى التخلي عن خدماته رئيسا للجنة الوطنية للانتخابات، وجُرد من عضويته بالمكتب السياسي السبت الفائت، لم يفوت فرصة المشاركة في اجتماع الأمانة الجهوية لحزبه في الشمال، أمس الأحد، تعبيرا على مُضيه في إدارة الحزب في جهته، بالرغم من الطريقة التي عومل بها من لدن القيادة الجماعية. بالقرب منه، كان يجلس العربي المحارشي على يسار الأمين الجهوي للحزب، عبد اللطيف الغلبزوري الذي ترأس هذا الاجتماع.
بالرغم من أن عقد هذا الاجتماع في وزان يحمل رسالة جوابية بشأن نتائج هيكلة المكتب السياسي، من حيث إبعاد المحارشي الذي كان لديه دور مركزي لأكثر من عقد، إلا أن المسؤولين بالحزب حريصون على تأكيد أن هذا الاجتماع « كان مبرمجا في هذا المكان قبل اجتماع المجلس الوطني في 11 ماي ». من ثمة، ليست هنالك أي دلالات، كما يؤكدون. رغم ذلك، فإن المصادفة كانت مثيرة.
يتيح عقد اجتماع للقيادة بالجهة، في وزان، مع اجتماع هيكلة فرعه المحلي في مدينته، فرصة للمحارشي لاستعراض قوته مجددا. وفق مصادر بالحزب، « يريد المحارشي أن يظهر أن خسائره ستصبح خسائر الحزب بشكل تلقائي ». في اجتماع الأمانة الجهوية يأخذ تزكية الجهة ودعمها، وفي اجتماع فرعه المحلي، يستعرض قوته في منطقته.
في كلمته خلال اجتماع تجديد فرعه المحلي في وزان، والتي كانت مخصصة بالكامل تقريبا لتقييم الوضع المحلي في وزان، اقتطع المحارشي بعض الوقت لكيل المديح إلى حزبه، متحدثا بصفته « عضوا سابقا في المكتب السياسي » كما شدد وهو يخاطب زميله الحموتي الذي طلب منه أن يكون لطيفا في حديثه. وبأسف أطلق المحارشي موقفه النهائي مما حدث له: « هادشي لي عطا الله ». ثم أضاف مستدركا أن حزبه « يشكل مع القيادة الجديدة بديلا للمغاربة »، مراهنا على تصدر الانتخابات « وهو ما سيحدث »، كما قال مؤكدا.
تظل هذه محاولة محدودة التأثير وفق ما يراه أعضاء الحزب. فوزان التي تعد واحدة من المعاقل الرئيسية للحزب، لم يشارك سوى القادة المحليون في الإشراف على عملية تجديد هيكلة فرعها. القيادة الجماعية في الرباط حسمت على ما يبدو مستقبل هذه الشخصية البارزة على الصعيد المركزي. مع ذلك، يشير عضو مسؤول بالأمانة الجهوية إلى أن « بعض التفسيرات التي لربما أعطيت لغياب أي فرد من القيادة الثلاثية، أو المكتب السياسي، قد تكون مبالغ فيها ». حضر في هذا الاجتماع، عبد الرحيم بوعزة، المُعين بالمكتب السياسي، لكنه عضو في الأمانة الجهوية للحزب أيضا.
رغم ما قيل، مازال المحارشي يأمل في عودة إلى الجهاز التنفيذي لحزبه، رئيسا للهيئة الوطنية للمنتخبين، كما كان يفعل منذ 2011، وهي الكيان المكلف بإدارة الخزان البشري لهذا الحزب في الانتخابات. لكن، توجيهات القيادة الجماعية للحزب بشأن إعادة هيكلة هذه الهيئة على صعيد الفروع قد بدأت من دونه، كما تشير إلى ذلك التقارير الإخبارية التي نُشرت على موقع الحزب في الأنترنت الأسبوع الفائت.
مع إعلان القيادة الجماعية تنفيذ سلسلة إصلاحات واسعة على هذه الهيئة، كما اللجنة الوطنية للانتخابات، لا يظهر أن المحارشي وأيضا الحموتي، بوسعهما مواصلة هذه المهام. بعض الآمال معلقة على مراجعة المنسقة الوطنية للحزب، فاطمة الزهراء المنصوري لرأيها عندما تحسم في المرشحين الأربعة المتبقين لعضوية المكتب السياسي. لكن، وفقا للطريقة التي أُديرت بها إعادة هيكلة أجهزة الحزب منذ فبراير، تبدو هذه الآمال بعيدة.
لاحقا، سيُقبل المكتب الجهوي للحزب نفسه، على عملية تجديد قبل نهاية هذا العام، بحسب المخطط الذي أعلن عنه رئيس قطب التنظيم في الحزب، سمير كودار. من المفيد أن نشير إلى أن المكتب الحالي يشمل أعضاء لم تكن علاقاتهم جيدة في الماضي مع الحزب، لكنهم نجحوا في العودة إليه. أحمد الديبوني، الذي كان عضوا في المكتب الوطني (السياسي) للحزب، أُجبر على وضع استقالته، عام 2010، على خلفية تقارير فحصتها اللجنة الوطنية للأخلاقيات آنذاك. في ذلك السياق، طٌرد محمد العربي أحنين، العضو أيضا في المكتب الجهوي للحزب في الوقت الحالي. غادر الاثنان لاحقا إلى حزب التقدم والاشتراكية، وبعد 10 سنوات، عاد الجميع إلى الحزب في المرحلة التي تولى فيها عبد اللطيف وهبي قيادة الحزب.
جهة الشمال تعد معقلا للحزب، فقد كسب فيها 7 نواب في البرلمان، حيث حل أولا في انتخابات 2021. وفاز بـ707 مقعدا في الانتخابات الجماعية خلال العام نفسه، وهي نتيجة جيدة تمثل حوالي ثمن ما حصل عليه الحزب على الصعيد الوطني، وحل ثالثا في ترتيب أعلى النتائج المحققة للحزب على صعيد الجهات بعد مراكش آسفي، والشرق، رغم حملة تقويض تعرض إليها في الجهة قبيل اقتراع 8 شتنبر. في 2015، كان قد حصل على 1005 مقعد.
يعتقد كوادر الحزب في الشمال أن التخلي عن المحارشي قد يفضي إلى انكماش هذه النتائج في انتخابات 2026. سيساعده في ذلك أي موقف سلبي صادر عن الحموتي. لكن وفق الخلاصات الأولية للاجتماعات التي عقدت أمس الأحد، فإن القياديين قررا المضي في وظيفتيهما السياسية.. على الصعيد المحلي في الوقت الحالي.