“الكاف” تشجع على إهانة إفريقيا
مسك الاتحاد الإفريقي لكرة القدم العصا من الوسط واختار “حماية” نفسه من الإهانة والحرج حين وجد نفسه، قسرا، “حَكَما” بين المغرب والجزائر في قضية رياضية بأبعاد سياسية، تقدّم حيثياتها أدلة قاطعة تدين المخزن وتفضح ألاعيبه.
لم يقو المغرب، على الرغم من تأثيره الكبير في قرارات المكتب التنفيذي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، على كسب “قضية خاسرة” منذ البداية. ووجدت شكوى الجامعة المغربية المودعة على مستوى “الكاف” ضد ما وصفته بـ”الموقف السياسي” في حفل افتتاح الطبعة السابعة لـ”الشان” بالجزائر قرارا هو بمثابة صفعة قوية لـ”المخزن”، بعدما أعلنت الهيئة الكروية القارية أن خطاب حفيد الزعيم نيلسون مانديلا العفوي بشأن حق الشعب الصحراوي في الاستقلال لم يكن مخططا له، بما يؤكد صراحة، من خلال قرار “الكاف”، أن إفريقيا مجتمعة رفعت القبعة لحفيد الزعيم الإفريقي. ولم يكن لحيازة المغرب على عضوية المكتب التنفيذي لـ”الكاف” وتأثيرها على كل القرارات ليرغم القارة السمراء على “انتقاد” قضية عادلة، بل ولم يكن لذلك الثقل المزعوم أن يدفع بـ”الكاف” إلى إرفاق “تحذير” أو “عقاب” للبلد الذي صنع فيه مانديلا، مرة أخرى، الحدث بنفس المواقف الثابتة، بما جعل موقف لجنة انضباط “الكاف” بمثابة صفعة قوية جديدة للمخزن وجهها له حفيد مانديلا.
وحين تصدر لجنة انضباط “الكاف”، في قرارها الصادر أول أمس، فقرة أخرى تدعو فيها الاتحادات الرياضية المنظمة للدورات الكبيرة المغلقة إلى الحرص على تفادي إطلاق الضيوف عبارات ذات طابع سياسي في المستقبل، فإنها (الكاف)، تعترف، من حيث لا تدري، بأنها لم تجرؤ على تكييف تصريحات حفيد الزعيم مانديلا في حفل افتتاح “الشان” بالجزائر على أنها “تجاوز” غير مقبول يتحمّل مسؤوليته البلد المضيف للبطولة، وهو قرار يحمل في طياته اعتراف الهيئة الكروية القارية، ضمنيا، في قرار لجنة الانضباط، بأن إفريقيا لا يمكن لها الوقوف ضد زعمائها ولا حتى قضاياها العادلة، حتى وإن كان من بين صنّاع القرار في مكتبها التنفيذي ممثل الجامعة المغربية، بما يجعل القرار في حد ذاته انتصارا للصحراء الغربية على المغرب.
ولأن “الكاف”، التي يرأسها الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي، وجدت نفسها بين قضيتين طرفاها الجزائر والمغرب، فقد اختارت في النهاية مهادنة المغرب، على ما يبدو، في القضية الثانية التي تقل فيها “الحساسية” عن القضية الأولى، حسب تقدير صنّاع قرار المكتب التنفيذي، بدليل أن لجنة الانضباط، بعد طول انتظار، خلُصت إلى عدم فرض عقوبة على الجامعة المغربية لكرة القدم، رغم ثبوت “المقاطعة” بالدليل والحجة من فوزي لقجع لـ”شان” الجزائر.
وأمام تفادي لجنة الانضباط الاحتكام للنصوص القانونية الواضحة و”التخبط” الذي طبع ردة فعل الهيئة الكروية القارية حين رسّم المغرب غيابه وعدم الاستقرار على “تكييف” وضع الاتحاد المغربي بعد تسجيل “الغياب”، فقد حمل قرار “عدم معاقبة” المغرب اعترافا واضحا بأن “الكاف” اختارت توجيه صفعة لنفسها ولو على حساب مصداقيتها وعلى حساب قارة برمّتها، كون “الكاف”، على لسان رئيسها موتسيبي، اقتنعت بل واعترفت، في وقت سابق، بأن الجزائر لم تمنع المغرب من المشاركة في “الشان” وبأن الطرف المغربي كان قادرا على التواجد في البطولة لولا “التعنت” والتحجج بوسيلة النقل، بما يجعل القول إن المغرب “تعذّر” عليه الحضور فضيحة بكل المقاييس، بل هو قرار يتعارض مع أحكام المادة 80 من قانون بطولة “الشان” الذي يفرض معاقبة المغرب وتغريمه ماليا.
إقدام “الكاف” على مسك العصا من الوسط وتحاشي معاقبة الجامعة المغربية التي داست على منافسة رسمية يعتبر سابقة قد تضع الهيئة القارية مستقبلا في حرج في حال تم تسجيل “مقاطعة” أخرى لبطولاتها، طالما أن منطلق “التوازنات” البعيدة عن السند القانوني يختصر قرار لجنة الانضباط في قضية عدم معاقبة المغرب على أنه اعتراف ضمني من “الكاف” أنها هيئة تشجع من يهين إفريقيا.
بقي أمام الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم امتحان آخر يتعيّن عليها تجاوزه بنجاح من خلال تغليب القانون والمنطق، كون النجاح الباهر لطبعة الجزائر في “الشان” والاعتراف الإفريقي بالتنظيم المتميز وبالملاعب الرائعة، خاصة ملعب الزعيم نيلسون مانديلا، يستدعي أن يكون هناك إجماع أو على الأقل أن تحصل الجزائر على كل أصوات أعضاء المكتب التنفيذي دون ذلك الصوت الذي لسنا بحاجة إليه لاحتضان “كان 2025″، كون الأمر سيبدو عبثا لو عاد شرف تنظيم منافسة إفريقية إلى بلد داس على شرف القارة الإفريقية، مرة أخرى، بغيابه عن “الشان” مع سبق الإصرار والترصد، وهو الذي (المغرب) يملك سوابق في إهانة إفريقيا، بعدما رفض المغرب “رسميا” وفي آخر لحظة عدم تنظيم “كان 2015” في موعدها، بحجة انتشار وباء “إيبولا”، وقد تبين بعدها أن حجة المغرب كانت واهية، كون “كان 2015″ جرت في موعدها بغينيا الاستوائية التي شرفت وأنقذت الأفارقة دون أن يكون لـ”إيبولا” أثر على تلك البطولة.