الكاف.. المهزلة
اكتملت مسرحية الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، أمس، بمنحها تنظيم كأس أمم إفريقيا لسنة 2025 للمغرب، لتثبت هيئة الرئيس باتريس موتسيبي للجميع أنها مجرد “دمية” تحركها أطرافا في البيت الكروي الإفريقي يمينا وشِمالا، وهي الأطراف التي اختطفت علنية مصداقية “الكاف”.
انسحاب نيجيريا من سباق تنظيم البطولة الإفريقية لعام 2025، وقبلها الجزائر ساعات قبل مهزلة اجتماع المكتب التنفيذي للهيئة الكروية الإفريقية بالقاهرة، دليل على أن الجميع كان يعلم أن الأمور قد تم حسمها من قبل، وأن المسرحية “الهزلية” المؤسفة التي قادها الجنوب إفريقي باتريس موستيبي وأعضاء مكتبه التنفيذي، في الأيام المنصرمة لذرّ الرماد على الأعين، ما هي إلا تحصيل حاصل لما تعيشه “الكاف” من اختطاف حقيقي ممنهج لمبادئها وشرفها ومصداقيتها، والتي طالما تغنى بها الرئيس موتسيبي الذي أضحك الجميع، أمس، حينما قال بعد الإعلان على من سينظّم دورة 2025 (المغرب) و2027 (تنظيم ثلاثي بين كينيا وأوغندا وتنزانيا )، أن هيئته كانت صارمة في الشروط التي وضعتها، وأن الاختيار كان مبني على أسس ومعايير شفافة.. أية شفافية يتحدث عنها موتسيبي وعضو المكتب التنفيذي لـ”الكاف” و”الفيفا”؟
المغربي فوزي لقجع وقبل أكثر من شهر، أعلن وبثقة كبيرة في النفس أمام أعضاء برلمان بلده وبـ”الفم المليان” كما يقال عند أشقائنا المصريين، أن بلده ستنظّم دورة 2025 رسميا، دون أن توجه له “الكاف” ولا استفسار شفهي حتى لا نقول كتابي، هذا التصريح الذي ضرب في العمق مصداقية هذه الهيئة التي حادت عن مبادئها .. وليست المرة الأولى التي تخرج الهيئة الكروية الإفريقية عن النص، فما حدث في الجمعية العامة لـ”الكاف” في دورتها الـ 43 التي جرت بالرباط في 12 مارس 2022، سيبقى وصمة عار في جبين كل من شارك في المهزلة عندما تم تعديل الفصل الرابع من النظام الأساسي لـ”الكاف”، إذ بعد أن كانت اللائحة تنص على أن الهيئة الكروية القارية مفتوحة لجميع الطلبات المقدمة من الاتحادات الوطنية الإفريقية كممثلين رسميين يديرون كرة القدم في بلدانهم، لتصبح بعدها أنه لا يمكن لدولة غير عضو بالأمم المتحدة الجلوس في هيئة دولية ذات طبيعة ثقافية أو رياضية أو غيرها، وهو تعديل وضع خصيصا لمنع دولة جمهورية الصحراء العربية من ولوج “الكاف”، في مشهد بائس يتنافى ومبادئ الأفارقة الذين ضحوا بالنفس والنفيس من أجل تحرير الشعوب وحق تقرير مصيرهم، أولهم الزعيم الروحي نيلسون مانديلا الجنوب إفريقي، لكن هيهات هيهات بين المناضل الذي وقف في وجه “الأبارتايد” وقبع أكثر من 27 سنة في السجن من أجل إعلاء كلمة الحق وبين “دمية القراقوز” تتحرك يمينا وشمالا.
انسحاب الجزائر ليس عيبا ولا اعتراف بالخسارة، بل قرار سيادي وموقف صائب لبلد يرفض “التطبيع” ويرفض كل أشكال الوصاية من أطراف للأسف حولت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، إلى جلد منفوخ تتقاذفه الأرجل، خدمة لمصالح دنيئة لا علاقة لها بالنزاهة ولا التنافس الشريف ولا هم يحزنون.