القرش الأبيض لليوم الأسود يا صندوق الاستثمار الفلسطيني
أمد/ مر ما يقرب من ٤٥٠ يوم على بداية الحرب التي دمرت وقتلت وشردت ما لا يمكن وصفه في غزة التي نعتبرها جزء من الوطن الفلسطيني الكبير، فقد أصاب أهلها خيبات أمل كثيرة من أشقائهم في الشطر الثاني من الوطن وعدم احساسهم بأي تعاطف أو دعم أو مساعدة أو إظهار أي مظهر من مظاهر الاحتجاج على ما يحصل في غزة. من الملفت للنظر أن مظاهرات الدعم والتأييد لغزة في المدن الأوروبية والعالمية كانت أكثر بكثير من أي مظاهرة في الضفة الغربية. ولم يتم اتهام أي شخص شارك في تلك المظاهرات بدعم الإرهاب. ان مدينة لندن وحدها خرجت بمئات الآلاف تندد بالحرب والقتل الوحشي ونحن نعرف ماذا فعلت إنجلترا بنا من خلال وعد بلفور المشؤوم.
ان خيبات الأمل التي أصابت غزة وأهلها لم تكن من المستوي الشعبي فقط. بل طالت الأحزاب والمؤسسات الرسمية. فعلى سبيل المثال، لم نسمع من تنظيم كبير مثل فتح اكثر من الشجب والإدانة، وبالتأكيد أنه لو كان هناك رغبة في مد يد المساعدة لوجدوا مئة طريقة وطريقة لمساعدة غزة وأهلها الذين ضحوا بالغالي والنفيس وضحوا بكل ممتلكاتهم في حروب عدة دعما للضفة والقدس.
هذا يقودنا إلى موقف آخر لصندوق الاستثمار الفلسطيني الذي تأسس في عام ٢٠٠٢ بقرار رئاسي لتجميع كل الاستثمارات الوطنية الفلسطينية في صندوق سيادي واحد حتى يكون عونا لمساعدة أبناء الشعب الفلسطيني عند الحاجة ، لتطوير الاقتصاد الفلسطيني. وبلغ رأسمال صندوق الاستثمار الفلسطيني عند استلام الدكتور محمد مصطفى رئاسته في عام ٢٠٠٦ أكثر من مليار دولار. ولغاية الان في عام ٢٠٢٤ رأس مال الصندوق يراوح مكانه بدون أي زيادة. ولم تستفد غزة من أي مبلغ أو مشروع طيلة الأعوام السابقة بحجة الانقسام وعدم السماح للصندوق بالعمل في غزة. لكن في ظل هذه الحرب المجنونة ان يتناسى ويتغافل صندوق الاستثمار الفلسطيني عن تقديم يد العون إلى المشردين والنازحين في غزة فهذا أمر غير مقبول ولا يمكن فهمه أو السكوت عنه. كان من باب أولى أن يبادر الصندوق بالتبرع لغزة وأهلها في أي مجال يريده، والمجالات كثيرة ولا يمكن حصرها والجميع يعرف حاجة أهل غزة المنكوبين والمشردين إلى كل فلس يستر عوراتهم ويلبي احتياجاتهم الأساسية.
وإنني أطالب السيد اياد جودة رئيس مجلس الإدارة الموقر وأعضاء مجلس الادارة الموقرين بعقد اجتماع عاجل لإقرار مساعدة غزة بمبلغ ٥٠ مليون دولار كحد ادنى تصرف للناس الأكثر احتياجا لهذه المساعدة.
ان وحدة الشعب الفلسطيني والأرض الفلسطينية لا تتم من خلال شعارات وأقوال بل تتم من خلال أفعال ومشاركة حقيقية من الجميع. لكن إذا اعتقدنا انه محكوم علينا ان التمسك بوحدة الوطن هي من طرف واحد فعلى الجميع مراجعة نفسه ومراجعة ماذا يعني أن يكون الوطن واحد خصوصا في ظل هذة المحرقة وهذا الغياب الغير مبرر للشطر الثاني من الوطن.