اخر الاخبار

القدس تحت القيود.. الكنيسة تصمد رغم التحديات

أمد/ القدس المحتلة حنان شبات: بينما يعيش العالم المسيحي أجواء عيد الفصح، تعيش القدس واقعًا مختلفًا، حيث تترافق الأعياد مع تصاعد الإجراءات العسكرية، وتقييد حرية الحركة، ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى أماكن عبادتهم، في انتهاك صارخ لحرية الدين والمعتقد.

 لا عيد بلا عدالة، ولا قدس بدون الفلسطينيين

وفي تصريح خاص لـ”أمد للإعلام”، أكد المطران د. منيب يونان، الرئيس السابق للاتحاد اللوثري العالمي، أن الكنيسة تواجه تحديات كبيرة وسط واقع حرب وتجويع، مشيرًا إلى استهداف مستشفى المعمداني التابع للكنيسة الأسقفية في غزة ثلاث مرات، مما أدى إلى توقفه عن العمل.

“هذا الاستهداف للمؤسسات الإنسانية والدينية يدعو للتساؤل: لماذا يحدث ذلك؟”، قال يونان، مضيفًا أن الكنيسة تستنكر وبشدة الاعتداء على أي مؤسسة تخدم الإنسان، خاصة في هذا الوقت المقدس، أسبوع الآلام.

منع الحجاج والزوار من دخول القدس

وأعرب المطران يونان عن استنكاره للقيود المفروضة على الزوار خلال سبت النور، وقال إن السلطات الإسرائيلية تمنع المسيحيين من مصر من الدخول إلى البلدة القديمة، ما يتعارض مع حرية الدين والمعتقد.

“دائمًا كان سبت النور يومًا يجمعنا مع إخوتنا الأقباط من مصر، لكن اليوم يُمنعون من الدخول، وتُغلق حارة النصارى. كيف يمكن أن تُمنع شعلة النور من الوصول إلى الشوارع التي حملتها قبل ألفي عام؟”، تساءل يونان.

واختتم يونان حديثه بالتأكيد على أن رسالة الكنيسة اليوم هي رسالة عدالة وسلام، مضيفًا: “لا يمكن أن يكون هناك سلام دون عدالة، ولا حل في الشرق الأوسط دون أن نعيش جميعًا في القدس. الهجرة المسيحية تتزايد، وعلينا أن نقول بوضوح: لا معنى للأراضي المقدسة بدون المسيحيين الفلسطينيين”.

الحواجز تفصل الإنسان عن مكانه

في حديث خاص لشبكة نوى، يرى ديمتري دلياني، رئيس التجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة، أن القيود المفروضة على الحركة في القدس تجاوزت البُعد الأمني لتصبح أداة لإعادة تشكيل العلاقة بين الإنسان الفلسطيني ومكانه.

وأوضح أن “الحواجز العسكرية لم تعد تفصل فقط بين نقطة وأخرى، بل تُقحم نفسها في تفاصيل الحياة اليومية، وتُحوّل الوصول إلى كنيسة القيامة من حق طبيعي إلى مفاوضة مرهقة مع منظومة قمعية”.

وأضاف أن الإجراءات الإسرائيلية تشمل التفتيش والاستجواب والانتظار لساعات أمام نقاط التفتيش، ما يؤثر على الكرامة الشخصية ويخلق حالة من الضغط النفسي، خصوصًا في اللحظات التي يُفترض أن تكون للتأمل والصلاة.

تضييق ممنهج خلال الأعياد

وخلال الأعياد الدينية، تتكثف هذه الإجراءات بشكل خاص، حيث تُغلق الطرق، ويُمنع إصدار التصاريح، وتُفرض أطواق أمنية على البلدة القديمة. وأشار دلياني إلى أن هذه التدابير تهدف إلى تقييد المشاركة الفلسطينية في الاحتفالات، في وقت يُسمح فيه للمستوطنين بحرية الحركة والتنظيم في المدينة.

“التضييق الممنهج خلال الأعياد لا يمس فقط الحضور الجسدي، بل يحاول تفكيك العلاقة الوجدانية بين الفلسطيني ومقدساته”، يقول دلياني. “لكن رغم هذه السياسات، لا تزال المشاركة الفلسطينية فعل تمسّك بالحق والانتماء”.

من الشعائر إلى مقاومة صامتة

ويتحدث دلياني عن تجربته الشخصية: “حين تُمنع من دخول كنيسة القيامة، يتحول الطقس الديني إلى لحظة مواجهة مع الاحتلال، وإلى مقاومة صامتة تعكس التمسك بالكرامة والحق في الوجود”. ويضيف أن العلاقة مع الأرض والمكان لا تُقاس فقط بالوصول، بل بالنية والتصميم والذاكرة.

رغم القمع والحصار وإعادة تعريف القدس كحيّز مغلق على سكانها الأصليين، تصر الكنيسة، ومعها المجتمع الفلسطيني المسيحي، على الحضور والمقاومة. ما يحدث ليس مجرد منع من دخول الأماكن المقدسة، بل هو محاولة لاقتلاع الإنسان من ذاكرته. في المقابل، يبقى التمسك بالمكان، والمشاركة في الأعياد، فعلًا مستمرًا من الصمود، يذكّر العالم بأن القدس لا تزال تنبض بأهلها، وبأن الحرية الدينية لا تُمنح، بل تُنتزع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *