القاضي حكيم الوردي يتأسف لانتقاد الأحكام القضائية في « فايسبوك » ويصف ذلك بـ »الشعبوية » اليوم 24
قال مسؤول قضائي، إنه يجب الاتفاق على أن الحكم القضائي، « محصن بحجية لا تسمح لأي كان خارج المحكمة بمناقشة حيثياته »، مؤكدا أنه لا يريد أن يضفي القداسة على الحكم القضائي، مبديا أسفه لما اعتبره « نزعة شعبوية، تجنح إلى الاشتباك مع الأحكام القضائية في وسائل التواصل الاجتماعي ».
وأوضح حكيم الوردي، رئيس قطب القضاء الجنائي بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، عصر الجمعة في ندوة للمجلس بالمعرض الدولي للكتاب والنشر، أن « الأحكام والأوامر القضائية هي ما انتهت له قناعة المحكمة في القضية، بعد فحص وثائق الملف والاستماع إلى المتهمين ووسائل الإثبات وتصريفها في منطوق لا يمكنك أن تقدح فيه، إلا إذا كنت طرفا في القضية بمقتضى مذكرة معللة بأسباب، تعرض على الهيئة التي ستنظر في الطعن، وهي وحدها التي تملك صلاحية تقييم الأحكام القضائية ».
وقال الوردي أيضا، « للأسف هناك نزعة شعبوية متنامية مفهومة، نتيجة لضعف التأطير في الموضوع، تجنح إلى الاشتباك مع الأحكام القضائية في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي بعض الأحيان تسيئ إلى الأحكام من حيث لا تدري، ولكن نلتمس لأصحابها عذر الجهل، ونحمل لأنفسنا مسؤولية تأطير المواطن في كيفية فهم واستيعاب الأحكام القضائية، وهي مسألة ليست يسيرة ».
وفي مداخلته، قال الوردي، « لم تعد الرقابة على سلب الحرية رقابة داخلية يمارسها القضاة، بعضهم على بعض، ولكن ارتقى قرار السيد رئيس المنتدب بهذه الرقابة ومنحها للمجلس الأعلى للسلطة القضائية »، مشيرا إلى أنه « منذ يونيو 2023 بمناسبة التعديل الذي عرفه القانون التنظيمي المتعلق بالسلطة القضائية، تم إنشاء بنية إدارية جديدة تعنى بالرقابة على كيفية تصريف القضاة لقراراتهم المتعلقة بالحرية ».
وأفاد المسؤول القضائي، بأنه « منذ أكتوبر 2023 إلى مارس 2024، انخفض عدد المعتقلين الاحتياطيين بـ9029 معتقلا »، مشيرا إلى أن « الإشكال في التعاطي مع موضوع الاعتقال الاحتياطي، هو أنه علينا الاشتغال دون المساس باستقلالية القرار القضائي، لا يجب أن يصل للقضاة أي شكل من أشكال التأثير، وبالتالي المجلس مطالب فقط بمراقبة التدبير الإداري لموضوع الاعتقال الاحتياطي، وهذه مسألة تقتضي نوعا من الحرفية والرزانة والمهنية ومن العمق في الرؤية والتأطير، حتى لا يقال غدا إن هناك من يتدخل في القرار القضائي الحر والمستقل ».
وشدد الوردي على أن الوحدة التي يشرف عليها في المجلس الأعلى للسلطة القضائية، « تقوم بالتشخيص والتحليل للمعطيات المجمعة من طرف المسؤولين القضائيين، لتستخرج المشاكل والمعيقات التي تساهم بطريقة أو بأخرى في الرفع من حالات الاعتقال الاحتياطي ».
وتحدث الوردي عن « مشكل التبليغ ثم التأخر في تعيين المحامين في إطار المساعدة القضائية، ثم التأخير في إنجاز الخبرات، وأيضا كثرة فترات المهل، خاصة حين يتواجد أكثر من متهم في الملف »، متسائلا، « ما هي الممارسات الفضلى التي أدت في سابقة من نوعها في تاريخ المغرب المستقل، إلى انخفاض نسبة الاعتقال الاحتياطي إلى 33.08 في المائة؟ مشيرا إلى أن هذه النسبة تحققت نتيجة تضافر مجهودات العديد من المتدخلين، ونتيجة لممارسات فضلى اتخذها المسؤولون القضائيون على مستوى النيابة العامة وقضاء الحكم.
وشدد المتحدث على أن دور قطب القضاء الجنائي، هو أن الممارسات الفضلى يتم عكسها على باقي المحاكم، مضيفا، « رغم الإرهاق الكبير الذي يسببه تحرير الأحكام القضائية للقضاة نتيجة تراكم القضايا وكثرتها وتعقد وقائعها وتشعب دفوعها، لكن القضاة يأبون إلا أن يرفعوا التحدي إحساسا بجسامة المسؤولية الملقاة عليهم، ويخوضون معركة التحرير يوميا، التحرير ثم التحرير ثم التحرير للأحكام القضائية ».