أمد/ في قلب المجازر التي تتعرض لها غزة، يطفو إلى السطح خطاب يبرر الدم بالقداسة، والمقتلة بالتمكين، ويحوّل الضحية إلى قرابين لطوطم سياسي مقدس.

هذا الفكر، الذي تتبناه بعض أطياف جماعة “الإخوان المسلمين”، يتجلى في خطاب يُلبس الحرب الإسرائيلية والعدوان على غزة ثوبًا غيبيًا، يرى في الدم المسفوح قربانًا واجبًا على طريق النصر، وفي المعاناة دليلًا على الاصطفاء الإلهي.

هذا النمط من التبرير يستند إلى منطق طوطمي، يُحوِّل الجماعة السياسية رافعة الشعارات الدينية إلى معبود، وأدوات الحرب والدمار إلى طقوس للتطهير، فتُمحى الحدود بين الألم والمجد، بين الذبح والكرامة، ويتحوّل الضحايا من بشرٍ لهم حقوق في الحياة والكرامة، إلى أرقام في سردية الفداء والشهادة.

إن أخطر ما في هذا الفكر ليس فقط اغترابه عن منطق العقل وحقوق الإنسان، بل تكريسه للصمت عن الجريمة، بل أحيانًا شكر الجلاد على “اختباراته وجرائمه “، بدعوى أن النصر حتمي، ولو بعد فناء المدينة بمن فيها من بشر وحجر.

هنا، لا تعود المجازر بحاجة إلى إدانة، بل تصبح “مرحلة” على طريق التمكين والنصر الموعود، فتُختزل فلسطين إلى معبر إلى الجنة، وغزة إلى محرقة مؤقتة في مسار “مشروع الأمة”.

تبرير الحرب الإسرائيلية على غزة تحت مسمى “التمكين” أو “التمحيص” هو تواطؤ معنوي مع الجريمة، ومساهمة في إعادة إنتاج خطاب استعماري يبرر القتل باسم الأهداف الكبرى.

وهو ما يفرض علينا مواجهة هذا الفكر لا باعتباره اجتهادًا دينيًا، بل آلية لتبرير الإبادة والتغاضي عن حق شعبنا في الحياة والحرية دون شروط أو قرابين، تبا لكل من فكر وبرر ما يجري لشعبنا الفلسطيني في غزة خاصة وفلسطين عامة من مجازر وحرب إبادة وتهجير بمثل هذا المنطق الطوطمي والعدمي.

شاركها.