الفكر الصهيوني لا مكان فيه للسلام ….!

أمد/ الصهيونية كحركة استعمارية استيطانية تقوم على مفاهيم عنصرية تتناقض جوهريًا مع فكرة السلام.
فمنذ نشأتها، اعتمدت على العنف كوسيلة أساسية لتحقيق أهدافها، وسعت لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، رغم أن المقترحات الأولية شملت مناطق أخرى مثل الأرجنتين وأوغندا.
ولكن بتوافق القوى الاستعمارية، تم اختيار فلسطين باعتبارها الموقع الأنسب لتنفيذ هذا المشروع.
العنف كأداة لتنفيذ المشروع الصهيوني:
اعتمدت الصهيونية نهجًا مزدوجًا من العنف:
الأول، موجه نحو الطوائف اليهودية نفسها، لدفعها للهجرة إلى فلسطين من خلال توظيف الأساطير التوراتية حول “أرض الميعاد”.
والثاني، موجه ضد الشعب الفلسطيني الأصلي من خلال سياسات التطهير العرقي والتهجير القسري والاستيطان.
هذا العنف لم يكن مجرد وسيلة عابرة، بل هو جوهر المشروع الصهيوني واستمراريته، فبدون التوسع والهيمنة بالقوة، لا يمكن للصهيونية أن تبقى.
إن المشروع الصهيوني لم يكن ليتم دون الدعم الكامل من القوى الاستعمارية الكبرى، بدءًا من عهد الدولة العثمانية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر حيث بدأت المستوطنات اليهودية، الى عهد الدولة البريطانية التي سهلت ودعمت حركة الهجرة اليهودية إلى فلسطين وأصدرت وعد بلفور عام 1917، وصولًا إلى الولايات المتحدة التي ورثت هذا الدور، ووفرت غطاءً سياسيًا وعسكريًا لحماية إسرائيل وتعزيز سياساتها العدوانية إلى اليوم.
هكذا تبقي تجليات الفكر الصهيوني في السياسة الإسرائيلية هي المسيطرة والمحركة إلى اليوم وبشكل أكثر عنفا ووضوحا في سياسات (الكيان الصهيوني)، حيث لا يزال الفكر الصهيوني متمسكًا برفض أي حلول سلمية حقيقية، ويتجلى ذلك في سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ نشأته على ارض فلسطين.
في الانتخابات الإسرائيلية عادة، بدلًا من أن تكون ساحة لنقاشات حول تحقيق السلام، تتحول إلى منافسة على من يستطيع إنكار حقوق الفلسطينيين أكثر، ومن يوسع الاستيطان بشكل أكبر، ومن يعمل على حسم الصراع مع الشعب الفلسطيني بشكل أعنف وأسرع.
على سبيل المثال، في 17 فبراير 2020، نشر بنيامين نتنياهو مقالًا في جريدة “إسرائيل اليوم”، أوضح فيه رؤيته لتوسيع المستوطنات وفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، مستندًا إلى ما سُمي بـ “صفقة القرن”، حينذاك التي دعمتها الإدارة الأمريكية آنذاك بقيادة الرئيس دونالد ترامب.
هذه الصفقة التي كانت تهدف إلى شرعنة الاحتلال الإسرائيلي، وشطب أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران، وفي السنوات الأخيرة التي تلتها شهدت المنطقة تصاعدًا خطيرًا في التوترات وفي ممارسة العنف المفرط من قبل الكيان ضد الديمغرافيا الفلسطينية سواء في الضفة والقدس وفي قطاع غزة الذي شهد بعد السابع من أكتوبر 2023 م والى غاية 19 , يناير الماضي.
فبعد وقف إطلاق النار في غزة يوم 19 يناير 2025 م، اقترحت الولايات المتحدة على لسان الرئيس ترامب خطة لتهجير الفلسطينيين إلى مناطق في الأردن وسيناء، ما يعكس استمرار الدعم الأمريكي للسياسات التوسعية الإسرائيلية.
هذا يؤكد أن الصراع في المنطقة لن يتوقف ما دامت إسرائيل تعتمد على القوة والغزو والدعم الأمريكي والغربي كوسيلة لضمان وجودها في المنطقة.
الصهيونية المسيحية ودورها في دعم المشروع الاستيطاني:
لا يمكن فهم الفكر الصهيوني دون التطرق إلى الدور الذي تلعبه الصهيونية المسيحية وهي الأساس، إذ لولاها لم يكن بالإمكان قيام واستمرار الكيان الصهيوني لغاية الآن، وهي حركة تدعم إسرائيل وكيانها وسياساتها، باعتبارها تحقيقًا لنبوءات دينية توراتية.
هذا التيار، الذي بدأ منذ القرن التاسع عشر، لعب دورًا كبيرًا في تأمين الدعم السياسي والمالي والعسكري للمشروع الصهيوني، خاصة في الولايات المتحدة، حيث يشكل اللوبي الصهيوني المسيحي أحد أقوى الداعمين لإسرائيل في الكونغرس والإدارات الأمريكية المتعاقبة.
نخلص إلى أن الفكر الصهيوني، بطبيعته الاستعمارية والاستيطانية الإقتلاعية الإحلالية، لا يترك مجالًا لتحقيق سلام حقيقي في المنطقة.
فإسرائيل ليست دولة طبيعية تسعى إلى العيش بسلام مع جيرانها، بل هي مشروع استيطاني توسعي يستند إلى العنف والإرهاب لضمان بقائه.
ولذلك، فإن أي حديث عن “السلام” دون الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية الكاملة، يبقى مجرد وهم تسوقه الدعاية الصهيونية لكسب الوقت واستكمال مخططاتها التوسعية.
إن الخيار الوحيد أمام هذا المشروع العنصري هو إما استمرار العنف والعدوان، أو الانهيار من داخله أمام صمود الشعب الفلسطيني وإرادته الصلبة والثابتة في استعادة حقوقه، وهذا الصمود الفلسطيني المستمر على أرضه والعمل على دعمه، هو القادر على كسر المشروع الصهيوني وهزيمته.
فالتاريخ أثبت أن المشاريع الاستعمارية القائمة على الظلم والقوة مصيرها إلى الزوال، مهما طال الزمن أمام صمود وثبات الشعوب الأصلية في وجه المستعمر.