الفرق بين “التصويت الأبيض” والتصويت بـ”لا” في انتخابات الـ “فاف”
بارتفاع أصوات المنادين بتصويت “أبيض”، خلال الجمعية العامة الانتخابية لـ”الفاف” لتحييد المرشح الوحيد وليد صادي، يتبين جليا عدم تمييز المدافعين عن هذا “الإجراء العقابي” الذين لا يدركون حقيقة “الأصوات المُعبَّر عنها” ودلالاتها ومدى تأثيرها على نتيجة الانتخابات مقارنة بالتصويت بـ”لا”، حين يتعلق الأمر، طبعا، بمرشح واحد دون سواه.
اتجاه طرح خصوم المرشح وليد صادي إلى “تصويت أبيض” لمنعه من تولي رئاسة “الفاف”، عقب رفض لجنة الترشيحات والطعون لمرشح “جبهة زطشي” ومن يدور في فلكهم من أعضاء الجمعية العامة، هو في الحقيقة “خدمة” سيقدمها هؤلاء، من حيث لا يدرون، إلى من يعتقدون أنهم بصدد معاقبته، والسند في ذلك مفهوم “الأصوات المُعبّر عنها” الوارد على وجه الخصوص في أحكام المادة 26 البند 1 الفقرة 6 من القانون الأساسي لـ”الفاف” الذي ينص على أن “يكفي في الدور الثاني حصول المرشح على الأغلبية البسيطة من الأصوات المُعبّر عنها”، بمعنى 50 بالمائة من الأصوات المُعبّر عنها زائد صوت واحد. وإذا كان القانون الأساسي لـ”الفاف” لا يتحدث عن المرشح الوحيد، بل يتحدث في نصوصه عن أكثر من مرشح، بما يمكن فهمه بأن ثمة “فراغا قانونيا”، إلا أن مجرد القول إن الفوز في انتخابات رئاسة الاتحادية يتطلب وجوبا الحصول على الأغلبية البسيطة، في آخر السباق، من الأصوات المُعبّر عنها، فذلك يكفي للقول إن وليد صادي بصفته مرشحا وحيدا عليه، رغم ذلك، الحصول على نسبة 50 بالمائة زائد صوت من الأصوات المُعبَّر عنها حتى يصبح رئيسا شرعيا وقانونيا للاتحادية الجزائرية لكرة القدم.
“التصويت الأبيض” يخدم صادي
وعليه، فإن تفسير مفهوم “الأصوات المُعبَّر عنها” أصبح واجبا لمعرفة طريقة “حساب” الأصوات عند انتهاء العملية الانتخابية التي ستحدّد الطريقة التي تسمح للمرشح الوحيد بالفوز دون منافس، على اعتبار أن عدم الحصول على الأغلبية البسيطة من الأصوات المُعبَّر عنها يعني خسارة وليد صادي في الانتخابات، بما قد يقود “الفاف” إلى ما يشبه “الانسداد” الذي لا يمكن، في حال حدوث ذلك، تخطيه سوى بالعودة إلى صلاحيات رئيس لجنة الانتخابات، التي يرأسها حاليا علي مالك، التي تمنحه، ضمنيا، حق إعادة العملية الانتخابات من جديد، بإعادة فتح الترشيحات للجميع.
وحين نركز على عزم بعض من أعضاء الجمعية العامة معاقبة وليد صادي ومنعه من تولي الرئاسة من خلال عدم منحه أصواتهم، فإن “التصويت الأبيض” بدلا من التصويت بـ”لا” سيمنح نتائج عكسية، بمعنى أن “التصويت الأبيض” سيكون، في مثل هذه الحالة، خدمة سيقدمها هؤلاء إلى صادي، من باب أن التصويت الأبيض هو نفسه، في المعنى القانوني، التصويت الملغى، والفرق بين التصويت الأبيض والتصويت الملغى يتمثل في اعتبار من يختار طوعا “التصويت الأبيض” موقفا رافضا لكل المترشحين، بينما التصويت الملغى هو خطأ في طريقة الانتخاب.
الأصوات المعبَّر عنها هي “لا” أو “نعم”
وبما أن “التصويت الأبيض” يتم إلغاؤه ولا يُعتدّ به، مثله مثل التصويت الملغى، فذلك يعني، من الناحية القانونية، أنه لا يدخل ضمن “الأصوات المُعبّر عنها”، على خلاف التصويت الصحيح وبـ”لا” الذي يعتبر “صوتا معبّرا عنه” مثله مثل من يصوّت بـ”نعم”. وعليه، فإن من لا يريد تولي صادي رئاسة “الفاف” ويختار التصويت الأبيض بدلا من التصويت بـ”لا” فهو من حيث لا يدري يُبعد عن صادي صوتا “رافضا” من بين الأصوات المُعبَّر عنها.
وبالمختصر المفيد، فإن عملية الفرز واحتساب الأصوات، خلال الجمعية العامة الانتخابية لـ”الفاف”، تتم على ضوء الأصوات المعبّر عنها، وهي “نعم” أو “لا”، على اعتبار أن الأصوات الملغاة أو التصويت الأبيض يضمن فقط حضور المصوّت وضمانه اكتمال النصاب لمباشرة العملية الانتخابية، دون أن يكون له (التصويت الأبيض) تأثير على نتائج الانتخابات، أو على الأقل سيكون للصوت الأبيض تأثير في صالح المرشح الوحيد، كون “الصوت الأبيض” لا يتم اعتباره أنه تصويت بـ”لا”.
وإذا افترضنا أن عدد المصوتين في الجمعية العامة هم 100 شخص وأن “التصويت الأبيض” بلغ 60 صوتا، فإن ذلك لا يعني خسارة وليد صادي، كون الأغلبية البسيطة (50 بالمائة زائد صوت واحد) سيتم احتسابها على أساس الـ40 صوتا بـ”نعم” أو بـ”لا”، الذين يعتبرهم القانون “أصواتا معبّرا عنها”، ما يجعل صادي، في مثل هذه الحالة، قادرا على الفوز بالانتخابات في حال حصوله على 21 صوتا بـ”نعم” مقابل 19 صوتا بـ”لا”.
ووجب القول إن “التصويت الأبيض” يكون عادة في الانتخابات التي تضم أكثر من مرشح واحد، كون مثل هذه العملية لا تمنح للمصوتين أوراقا بـ”لا” إنما أوراقا بأسماء المرشحين، بما يجعل أي مصوت غير مقتنع بأي مرشح يبرز ذلك بوضع “ظرف أبيض” يعبّر عن “التصويت الأبيض” الرافض لكل المرشحين، بما يجعل “الصوت الأبيض” محايدا بين الجميع، بينما يختلف الأمر في قضية المرشح الواحد، حيث يستفيد المصوت من فرصة تحديد رفضه للمرشح بورقة “لا” بدلا من “الصوت الأبيض” الذي سيكون، في مثل هذه الحالة، نقطة في صف المرشح الوحيد، طالما أن “الصوت الأبيض” لا يتم اعتباره صوتا معبّرا عنه مثلما هو الحال في حال التصويت بـ”لا”.