أمد/ الصورةُ:
التي تشبهُ بلادًا ….
نصٌ بقلم: د. عبد الرحيم جاموس
تلكَ صورتُها…
لكنّها ليست صورة،
هي رائحةُ ترابٍ
نجا من صراخِ القرون،
وظلُّ أرضٍ
تبحثُ عمّن
يُعيد رسم ملامحِها
في الذاكرة.

***
وحينَ تمرّ…
تنتفضُ الجهاتُ الأربع،
كأنّها تتذكّرُ
أنَّ لها أمًّا بعيدة،
وأنّ الريحَ
تعرفُ الطريقَ
إلى قلبٍ واحدٍ
منذ الأزل.

***
لها مَشيةُ مدنٍ
ضاعتْ في الليل،
وتنهيدةُ أحجارٍ
حُمِّلت أكثر
مما تحتمل،
وصوتُ نهرٍ
كان يعلّم الطفولةَ
كيف تنامُ
دون خوف.

***
ليست امرأةً…
بل خريطةٌ
خُفيَتْ حدودُها
كي لا يُدركَ الغُزاةُ
إلى أين يبدأ
سرُّ المكان،
وأين تنتهي
قدرةُ الأرضِ
على النهوض.

***
وحين تقتربُ…
يسري في التراب
نبضٌ قديم،
وترتفعُ العصافير
كما لو أنها
تستعيدُ مقطعًا
مفقودًا من نشيدٍ
كان يُقالُ للسماء.

***
وفي أثرها…
يُزهرُ الشوكُ،
ويستعيدُ الجدارُ
ذاكرةَ اليدين
اللتين بدأتا الحكاية،
ويبدو الهواءُ
أكثر امتلاءً
باسمٍ
لا يُنطق،
لكن الجميع
يعرفونه.

***
تلك صورتُها…
لا تسكنُ في الورق،
بل في الحنينِ
الذي يرفض أن يموت،
وفي الخطواتِ
التي تمشي نحوها
ولو من وراء
قرنٍ من الرماد.

***
وإذا غابتْ…
تبقى الندبةُ
تلمعُ في الروح،
كأنَّ الغيابَ
طريقةٌ أخرى للبقاء،
وكأنَّ مَن لا يُسمَّى
هو الأكثر حضورًا
في القلب.
 

شاركها.