الصناعة المحلية تحت المجهر
إجراءات، تعليمات ووعد ووعيد، هي مخرجات الزيارات الميدانية المكثفة لوزير الصناعة، علي عون، نحو مختلف المؤسسات الصناعية العمومية في العديد من الولايات، مراميها إعادة بعث قطاع على الرغم من إمكانياته الكبيرة يظل في كثير من الأحيان دون مستوى المنافسة دوليا، مع وجود بعض الاستثناءات، فهل يصلح حال الصناعة المحلية للمؤسسات العمومية ما أفسده دهرٌ من التسيير الإداري البيروقراطي؟ حوصلة الإستراتيجية التي تتبناها السلطات العمومية ممثلة في وزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني ضمن مقاربتها الجديدة، تسهيل وتبسيط إجراءات التسيير، قصد تجاوز مرحلة كانت فيها المؤسسات العمومية الصناعية بما فيها أهم المجمعات التابعة للقطاع عبئا يثقل كاهل الحكومة والخزينة العمومية جراء ضخ الملايير لإنقاذها من الإفلاس وتسريح العمال، إلى مؤسسات “اقتصادية” مربحة تنافس في الخارج فضلا عن الداخل.
ومن هذه المنطلقات، يشدّد وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني، علي عون، على ضرورة رفع كل العقبات والعراقيل البيروقراطية التي تعيق انطلاق عجلة الاستثمار بمختلف المناطق الصناعية، ويصر في كل مرة يلتقي فيها بمسؤولي ومسيّري المؤسسات والمجمعات العمومية على التسهيلات التي من المفروض أن تجد طريقا لها إلى المستثمرين موازاة مع مرافقتهم بجدية، قصد تجسيد مشاريعهم على أرض الواقع، في مخطط هدفه تحقيق التنمية المستدامة محليا ووطنيا وخلق مناصب شغل جديدة.
كما انتقد الوزير تارة طريقة التسيير وتارات أخرى عمل الإدارة في التحكم في النشاط الاقتصادي وكبح وتيرة العمل أو إبطائها، عند الحصول على مختلف الرخص لإتمام الإجراءات، الأمر الذي ترجمته الزيارة الأخيرة للمسؤول الأول على قطاع الصناعة، خلال الزيارة الأخيرة التي قادته إلى ولاية ميلة، إذ لم يجد بدا من انتقاد بعض “الممارسات البالية والمماطلة المفرطة في منح عقود الامتياز ورخص البناء للمستثمرين”، داعيا القطاعات ذات الصلة إلى مرافقة المستثمرين ومساعدتهم على إنجاز مشاريعهم. ولكن خطة عمل وزارة الصناعة تقوم أيضا على إعادة النظر في مفهوم المتعاملين الاقتصاديين المعنيين بهذا النوع من المرافقة والتسهيلات، فالوزير عون توعّد بالمقابل بتطهير القطاع من المستثمرين غير الجادين الذين حصلوا على عقارات داخل المناطق الصناعية دون إنجاز مشاريعهم في آجالها، وهدّد بالقول بأنّ العقوبات تصل حد نزع الاستفادة منهم وتجريدهم من عقود الامتياز.
تحقيق الانطلاقة المنشودة يمر حتما عبر رفع القدرات الإنتاجية ونسبة الإدماج في مختلف الفروع الصناعية، من خلال العمل على وضع النسيج المتكامل بين المجمعات والمؤسسات الكبيرة، الشركات المتوسطة والمناولين ضمن شبكة واحدة، وهو ما أكد عليه وزير الصناعة علي عون من بوابة زيارته لمصنع “سوناريك” لإنتاج المواد الكهرومنزلية، إذ أنه حث المسيرين على الرفع من الإنتاج والعناية بالنوعية والجودة.
كما استغل عون الفرصة ليشدد على ضرورة تطوير المنتوج والرفع من إدماج المواد المحلية، حيث تمثل المواد المحلية التي تدخل في صناعة المدافئ حاليا نسبة 75 في المائة، و45 في المائة بالنسبة لسخانات الماء، حتى تصبح المؤسسة قادرة على تصدير منتوجاتها نحو الخارج، وحث في السياق ذاته على ضرورة الاستعانة بالمؤسسات الناشئة في الحصول على بعض الأجزاء والقطع التي تدخل في صناعة وتركيب سخانات الماء أو المدافئ.
وفي كل هذا، تفرض خطة عمل وزارة الصناعة استعمال مواد البناء المحلية وتقليل التكاليف واحترام معايير البناء والترميم، حسب التوجيهات التي قدمها الرجل الأول في القطاع بمناسبة زيارته الأسبوع الماضي إلى مركب قورصو التابع للمجمع العمومي للصناعات الغذائية “أقروديف”. وأصر عون في هذا الشأن على ضرورة التقيد بمعاير البناء والترميم، إلى جانب استغلال توفر المواد محليا كالإسمنت وحديد الخرسانة للتقليل من التكاليف، وبالتالي تحقيق التوازن المالي للمؤسسات المعنية، مع احترام الآجال المقررة لتسليم المشاريع، خاصة إذا تعلّق الأمر بتخزين مواد إستراتيجية كالحبوب.