اخر الاخبار

*السيّد نصرالله: سيّد شهداء الأُمة المستضعفة والعالم الحرّ ضد الاستعمار

أمد/ في لحظة استثنائية من تاريخ الشعوب المقهورة والمستضعفة، تبرز شخصيات تتجاوز حدود الطائفة والانتماء الضيّق، لتصبح رموزًا عالمية للنضال والمقاومة. السيّد حسن نصرالله، بصفته قائدًا لحزب الله اللبناني، تجاوز كونه شخصية شيعية ليصبح رمزًا لأحرار العالم، وأيقونة لمقاومة الاستعمار والهيمنة العالمية. إن استشهاده لن يكون مجرد خسارة لفصيل أو طائفة، بل سيكون فقدانًا لأحد أهم الأصوات التي وقفت في وجه السياسات الإمبريالية والاستكبار العالمي.

**نصرالله: قائد المقاومة العالمية**

منذ بداياته في العمل السياسي والعسكري، كان السيّد نصرالله شخصية استثنائية قادرة على تحريك الجماهير وإلهام المقاومين. لم يكن مشروعه محصورًا في الإطار اللبناني أو حتى الشيعي، بل تجاوز ذلك ليصبح صوتًا لكل الحركات المناهضة للاستعمار، من فلسطين إلى فنزويلا، ومن إيران إلى إفريقيا، ومن سوريا إلى أمريكا اللاتينية.

إن خطابات نصرالله لم تكن مجرد كلمات عابرة، بل كانت برامج سياسية وتحريضية تحثّ الشعوب على مقاومة الظلم. وقد نجح في بناء نموذج فريد من المقاومة، يجمع بين التخطيط الاستراتيجي الدقيق وبين البعد العقائدي العميق الذي يجعل التضحية والمواجهة سبيلاً لتحقيق الكرامة والحرية.

**أحرار العالم في حداد**

اليوم، وبعد استشهاد السيد نصرالله، يعيش أحرار العالم حالة من الحزن والحداد، ليس فقط على فقده، بل على مستقبل المقاومة نفسها. فالقوى الإمبريالية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وكيان الاحتلال، تدرك تمامًا أن وجود شخصية مثل نصرالله يشكل عائقًا كبيرًا أمام مشاريعها التوسعية والاستبدادية. ولذلك، فإن استهدافه لم يكن مجرد ضربة لحزب الله، بل كان محاولة لإسكات صوت المقاومة عالميًا.

تم اليوم تشييع السيّد نصرالله بحضور مميز من أحرار العالم، الذين جاؤوا ليعبّروا عن تقديرهم لرجل أفنى حياته في سبيل الدفاع عن المستضعفين. وقد أُقيمت الصلاة عليه، في مشهدٍ عبّر عن وحدة المقاومة، والتفاف الجماهير حول رمزية نضاله.

**نصرالله والاستعمار الجديد**

إن مقاومة السيد نصرالله لم تكن عسكرية فحسب، بل كانت أيضًا فكرية وثقافية، إذ نجح في تقديم خطاب يعيد تعريف الصراع العالمي، ليس على أسس دينية أو طائفية، بل على أسس العدالة والحرية والكرامة الإنسانية. فالمعركة ضد الاستعمار لم تنتهِ بخروج الجيوش الأجنبية من البلدان المحتلة، بل استمرت عبر أدوات أخرى: الحصار الاقتصادي، الاحتلال بالوكالة، فرض الهيمنة الثقافية، ومحاولات تفكيك المجتمعات عبر إثارة النزاعات الداخلية.

لقد كان السيّد نصرالله صريحًا في مواجهة هذه السياسات، كاشفًا تناقضات القوى العظمى التي تدّعي الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، بينما تدعم الاحتلال والأنظمة القمعية. لقد كشف زيف ما يسمى “التحالف الدولي ضد الإرهاب”، مبينًا كيف يتم توظيف الإرهاب كأداة لتبرير التدخلات العسكرية وتحقيق المصالح الاستعمارية.

**رمزية الشهادة في مشروع المقاومة**

إن مفهوم الشهادة في خطاب السيد نصرالله لم يكن مجرد شعار، بل كان جزءًا من استراتيجية المقاومة نفسها. فهو يؤمن بأن الشهادة ليست خسارة، بل بداية مرحلة جديدة من النضال، حيث يتحول القائد الشهيد إلى رمز أبدي يلهم الأجيال القادمة. وهذا ما يجعل القوى المعادية للمقاومة في مأزق، فحتى بعد استشهاده، فإن روحه ستظل حيّة في نفوس الملايين الذين تأثروا بمسيرته.

من هنا، يمكن القول إن السيّد نصرالله لم يكن “شهيد الشيعة”، بل أصبح “سيّد شهداء الأُمّة المستضعفة والعالم الحرّ”، تمامًا كما كان الإمام الحسين رمزًا للثورة ضد الظلم والطغيان.

** إرثٌ لا يموت**

إن العالم اليوم أمام لحظة فارقة، حيث تتكثّف المواجهة بين محور المقاومة من جهة، وبين قوى الاستعمار والاستكبار من جهة أخرى. وفي هذه المواجهة، لا يُقاس النصر بعدد الصواريخ أو المعارك التي تُخاض فقط، بل بقدرة المشروع المقاوم على الاستمرار والتأثير.

إن إرث السيّد نصرالله لن يموت، فقد أصبح رمزًا خالدًا في سجلّ الأحرار. فالمقاومة ليست مجرد شخص، بل هي فكر وعقيدة ومشروع مستمرّ، لا يتوقف عند غياب القادة، بل يزداد رسوخًا وانتشارًا.

وفي النهاية، فإن أحرار العالم، من فلسطين إلى أمريكا اللاتينية، ومن اليمن إلى إفريقيا، لن ينسوا هذا الرجل الذي حمل راية المستضعفين في وجه الطغاة، وسيظلّ اسمه محفورًا في ذاكرة الشعوب كواحدٍ من أعظم من قاوموا الظلم في هذا العصر.

•    نجاح محمد علي هو صحفي استقصائي مستقل من العراق يكتب عن قضايا السياسة والمجتمع وحقوق الإنسان والأمن والأقليات. ظهرت أعماله في Swiss info و BBC العربي والفارسي ، و RT Arabic ، وقناة العربية ، وقناة الجزيرة ، و رأي اليوم ، و القدس العربي ، و انترناشيونال بوليسي دايجست ، و العديد من المنافذ الإعلامية الأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *