“الرئيس غير راض عن طريقة عمل بعض القطاعات الوزارية”
أمر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال ترؤسه اجتماعا لمجلس الوزراء، بإحصاء ومتابعة وتقييم كل القرارات المتخذة في مجالس الوزراء، وحصر ما لم يتم تطبيقه منها، في خطوة تلمح بأنه غير راض عن طريقة تعامل بعض القطاعات الوزارية مع الأوامر المقترحة سابقا.
وأسدى الرئيس عدة أوامر وتوجيهات عامة، حيث أمر بإحصاء ومتابعة وتقييم كل القرارات المتخذة في مجالس الوزراء، وحصر ما لم يتم تطبيقه منها، كما أمر بتحديد أجل أقصاه شهر واحد للجان مراقبة تنفيذ هذه القرارات، على أن تكون الاستعجالية منها على رأس الأولويات.
وفي تعليقه، قال عضو المجلس الشعبي الوطني عبد السلام بشاغا إنه “كان من المنتظر منذ مدة التطرق لهذه الإشكالية التي أصبحت غريبة خاصة لدى المتابع للشأن العام ونحن النواب، وشخصيا كنت أشرت لعديد من الوزراء فيما تعلق بسبب عدم تطبيقهم بعض النقاط التي تم اتخاذ قرارات تنفيذها في مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية، وتساءلنا مرارا عن ذلك”.
وتابع في تصريح لـ “”: “لمسنا عدم تنفيذ القرارات في العديد من القطاعات، على غرار السكن، الفلاحة، الرقمنة، المالية، الصحة وغيرها من القطاعات التي شملتها العديد من القرارات الرئاسية في مجلس الوزراء، ما يبعث التساؤل: هل ما أمر به الرئيس أمام وزرائه صعب وغير قابل للتجسيد لهذه الدرجة؟ أم أن هناك عجزا أو تقصيرا في تنفيذ ذلك؟ أم أن الوزراء لا يقدمون للرئيس مختلف التفاصيل اللازمة حول الموضوع وهم حاضرون في مجلس الوزراء؟!”.
بالمقابل، أشار المتحدث إلى وجود “تفاصيل وقرارات لصغرها لا ترقى أن تناقش على مستوى مجلس الوزراء، أو أن يتدخل فيها الرئيس شخصيا، ما يوحي بأن من هم في درجات مسؤولية أقل بمختلف القطاعات لا يقومون بعملهم، والجميع ينظر مع الجميع بسبب أو دون سبب، ما أضفى ركودا وجمودا في العديد من المجالات”.
الرئيس كان ينتظر الوقت المناسب
بدورها، اعتبرت عضو المجلس الشعبي الوطني بهجة العمالي أن قرار الرئيس كان منتظرا، وقالت في تصريح لـ “”: “أظن أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون كان ينتظر الوقت المناسب فقط، لأن الأمر كان يبدو جليا بأن عمل أهم القطاعات الحكومية لم ينل رضا رئيس الجمهورية، ولا حتى المواطن الجزائري، الجميع ربما يجمع على فشل بعض الوزراء في تسيير أمور الشأن العام”.
وفي رد على سؤال “” حول الملفات المعنية بالمتابعة، أكدت النائبة وجود العديد من الملفات العالقة، فالأمر يتعلق حسبها بقرارات عديدة تشمل مختلف القطاعات، والهدف من تقييمها ومتابعتها يكمن في عدة أسباب، أبرزها هو تضارب العديد من القرارات والقوانين وتعارضها، حيث تم اتخاذها بسبب غياب التنسيق الجيد، وعدم اتباع مخطط وطني واضح يساهم في حصد نتائج إيجابية تكون واضحة للمواطن البسيط وواضحة لدى رئيس الجمهورية.
وترجح المتحدثة أن “مضمون الجريدة الرسمية الأخير دليل آخر على عدم رضا رئيس الجمهورية عن العمل المقدم من طرف معظم الوزراء، مما جعله مطالبا بخلق آليات جديدة لمتابعة سيرورة عمل الحكومة ومدى تطبيقها للالتزامات، خاصة تلك التي كان قد وعد بتنفيذها”.
وفي تفسيرها لعدم التزام الحكومة بقرارات مجلس الوزراء، قالت المسؤولة ذاتها “شخصيا بصفتي نائب أمثل الشعب، أنا ضد نظرية المؤامرة، ولكن عندما تتولى إحدى الوزارات فإنه يتوجب عليك أن تكون على قدر المسؤولية تجاه من وضع ثقته فيك بصفة خاصة، وتجاه الشعب بصفة عامة، ويجب على المسؤول الجزائري أن يتبنى فكرة ترك المسؤولية لغيره عندما يصبح عاجزاً عن تقديم الإضافة المرجوة”.
تغييرات وإقالات
وفيما يتعلق باللجان التي ستشرف على إحصاء هذه القرارات ومتابعتها، تساءل النائب عبد السلام بشاغا عن “دور وزير القطاع هنا أو الحكومة ككل، ولماذا لا تقوم بواجبها المطلوب منها تجاه الرئيس بوضعه في صورة القطاعات والمشاريع التي تم اتخاذ قرارات فيها”.
وفي قراءة حول كيفية التعامل مع القطاعات التي لم تلتزم بتنفيذ قرارات مجلس الوزراء بعد انتهاء مهلة لجان المراقبة، أكدت بهجة العمالي أن التعامل مع القطاعات التي فشلت سيكون بداية بإحداث تغييرات وإقالات، وتوقعت أن يكون هناك تغيير هام للحكومة الحالية، وصولا إلى “متابعات قضائية في حال وجود خروق أكبر مما نتصور”.
وفي غضون انتهاء مهلة لجان المراقبة، سوف تتحكم مؤسسة الرئاسة حسب المتحدثة بزمام الأمور لتوفير همزة وصل جديدة ومتينة بين رئيس الجمهورية ومختلف القطاعات، مؤكدة أنه “سيكون لرئيس الجمهورية دور أكبر في متابعة مختلف الملفات عن قرب، في ظل غياب الكفاءة والثقة لدى الحكومة الحالية”.
ملتمس الرقابة
وتتزامن مؤشرات عدم رضا الرئيس عن الحكومة مع عرض الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان بيان السياسة العامة للحكومة أمام البرلمان بغرفتيه خلال الأيام القليلة المقبلة، تطبيقا لأحكام المادة 111 من الدستور، على أن يعقب بيان السياسة العامة مناقشة عمل الحكومة، ويمكن أن يترتب على هذه المناقشة إيداع ملتمس رقابة يقوم به المجلس الشعبي الوطني طبقا لأحكام المادتين 161 و162 من الدستور.
وفي تعليقه على سؤال “” حول احتمال اللجوء إلى ملتمس الرقابة، قال النائب عبد السلام بشاغا “إننا ننتظر عرض بيان السياسة العامة، وما تأتي به الحكومة للبرلمان سنناقشه بتفصيل حسب القطاعات، ونقيم فيه ما هو إيجابي ونثمنه، وما هو سلبي في نصوصه، ونوازن بين كل ذلك، ثم بعدها ندرس كل الاحتمالات الدستورية والقانونية المتاحة للتعامل معه، بما في ذلك إجراء ملتمس الرقابة”.