الدخان الأسود أمد للإعلام

أمد/ قبيل غروب الشمس كنا ننتظر انبثاق الدخان الأبيض عند أفق المغيب لكي لا نأخذ قرارنا في عتمة الليل البهيم فخاب الأمل وانكفأ الرجاء إلى الصدور يحمل أنين أشلاء الأطفال الذين رحلوا بلا وداع ، ليأخذنا غروب الشمس إلى دخان أسود يعمي القلوب والأبصار ، معلنًا الولوج في دائرة الظُلمة والظلام ، ويرمينا في تيه المسافات البعيدة التي لا نعرف فيها موطىء قدم لنا ، هو الدخان الأسود يزيد الليل حُلكة فيتعرى الأسياد يرقصون سُكارى بدموع الأرامل والثكالى واليتامى ، فكل واحد منا قد قُدَّ قميصه من دُبرٍ ، فسيد البيت استخار قوم لوط فقالوا له ما لنا مما أنتَ فيه حاجة فافعل ما تشاء .
هو القطيع يسير وراء كبيره وأن أكلهم الذئب لا يصرخون ، هم اعتادوا طأطأة الرأس والانصياع له فلا همسٌ ولا دهشة ، فكل شيء عند الكبير بمقدار ، وكل كبير له شأن ، واشتروا كبيرًا لكم إن لم يكن لكم كبير ، لتعرفوا أين المصير .
هل انتفى الوجود لينتفي التفكير ، وهل انتفى البصر والسمع لينتفي الإبصار ، فأي وجود هذا الذي ينفي الوجود وهو موجود ، وأي إنسان هذا الذي يتبع نفسه هواها ، أفما أنتم بالذي فيكم تعقلون ، أم أنتم على أدبار حياتكم تسيرون .
هو الدخان الأسود أفاضه الليل على النهار حتى تُعتم الشمس على الحياة فنلوذ إلى كبير القوم لعله يجد لنا من أمرنا مخرجًا ، فنراه قد كتب وصيته الأخيرة وهو ما زال على شيء من الرشد يوصينا بسارية أكل جوفها الفساد وبشراع مزقته الخناجر المطعونة في خاصرة الوطن .
أي حُلم هذا الذي أودعناه غروب الشمس فسقط في البحر ليتغشاه الملح فيصبح بعيد المنال ، فلا الشمس حملته إلى شروقها ، ولا الموج ألقاه على شاطىء بحره الرملي ، فكل ما في الأمر أن الأمل مات في رحم الألم .