الحرب المصيدة والتهجير أمد للإعلام

أمد/ بالامس سألني السيد Luiz Mariano عن مبرر بقاء الناس في غزة رغم الحرب، هل هم مضطرين ام لانهم يرفضون التهجير. أزعم، هكذا اجبتها، أن 75% من اهل غزة، ليس فقط لم يفكروا يوما في الهجرة، بل أيضا يرفضوها.
تجربة الفلسطيني في الغربة، ان كانت في الدول الشقيقة التي استضافت الفلسطينين، أو الدول التي عاش فيها الفلسطيني من أجل العمل، تجربة صعبة تحمل ندوب كثيرة.
لقد لامسنا فرحة العودة على وجوه الالاف من الفلسطينيين الذين اتاحت لهم أوسلو وعودة السلطة إلى الوطن الرجوع إلى مسقط رؤوسهم، كما سمعنا آلاف القصص من الفلسطينيين الذين تركوا الغربة ورجعوا إلى بلادهم من أجل تربية ابنائهم في حضن وطنهم وحضن العائلة والعم والعمة والخال والخالة. كما نعرف قصص آلاف العائلات التي اضطرت أن تدفع آلاف الدولارات للحصول على ما يسمى تصريح لم الشمل من الاحتلال الاسرائيلي قبل رجوع السلطة، التصريح كان بكلف 10 آلاف دولار.
لهذه الأسباب وغيرها الكثير فإن أغلبية الفلسطينيين لن يهاجروا، حتى في ظل الظروف الحياتية والاقتصادية الصعبة التي تخلفها الحرب اضافة الى تأخر الاعمار، حيث بين استطلاع مؤخرا أن 44% من اهل غزة لم يفكروا قط بالهجرة.
هناك فئة من الشباب والاكاديميين، صغار ومتوسطي العمر، ممكن أن يهاجروا رغبة في العمل وتحسين مستوى الحياة والاستقرار وتعليم الابناء، هؤلاء لن يؤثروا كثيرا على الواقع الديغرافي، أن بقيت الكتلة السكانية الرئيسية قادرة على البقاء ورفض التهجير، بل سيشكل أمثال هؤلاء المغتربين عامل دعم وقوة وصمود لذويهم، هكذا تقول التجربة التاريخية.
لكن حتى يكون كلامنا في المعقول والمنطقي يجب الا نضع شعبنا في ظروف تجبره على الهجرة. أن مخطط عربات جدعون يهدف إلى حشر السكان في المصيدة الانسانية في رفح، تحت دافع الحاجة إلى الطعام، سيكون هذا المخطط وحياة المصيدة عامل ضغط على أهل غزة للقبول بالتهجير.
لذلك فإن سرعة الاستجابة والقبول بالشروط الدولية لوقف الحرب وتسليم الحكم في غزة إلى لجنة عربية فلسطينية بإشراف دولي هو المنقذ الوحيد من خطة المصيدة، وبالتالي منع تهجير شعبنا إلى المنافي.
لا يرغب اهل غزة في الهجرة، وأن حدثت فإنهم لا يريدون الهجرة الى البلاد العربية، ليس عدم محبة في الشعوب العربية، ولكن لعدم احراجهم وخلق مشاكل اجتماعية وسياسية داخل بلادهم بسبب هذا التهجير، لذلك يجب تحريض الشعوب العربية على رفض استقبال المهاجرين من اهل غزة، تحت أي دعاوي أخوية أو انسانية، والتوضيح لهم أن هذا مخطط يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
واذا كان لابد من تهجير أهل غزة، بسبب ادعاءات مثل حمايتهم من الحرب، فإنهم يرغبون بالهجرة إلى مناطق غلاف غزة، ليعملوا مع الاسرائيليين في الزراعة واعمار الحياة لمصلحة الشعبين، مثل هذه الخطوة جديرة بأن تجرب كمثل على إمكانية التعايش بين الشعبين مستقبلا. وان تعذرت الهجرة الى مناطق غلاف غزة فإن هجرتهم مؤقتا الى بين اهليهم في الضفة الغربية يوفر لهم كل أسباب الراحة هناك.
عندما حذرنا وحذر غيرنا من الحرب والتهجير منذ سنوات طويلة، كان يخرج من يقول لنا تفاءلوا بالخير تجدوه، لا تكن متشائم، لا تنشر الخوف بين الناس، هذه اوهام لا يمكن أن تتحقق، لا يحدث في ملك الله الا بقدر الله….. وغير ذلك من العبارات الجاهزة، هؤلاء الأخوة والاصدقاء وغير ذلك…. مازالوا رغم كل المأساة يرددون نفس الاسطوانة، التي من العيب وصفها.
الفلسطيني من اهل غزة يرفض التهجير والهجرة، لكن ان وضعتموه في المصيدة، سيهاجر غصب عن اللي خلفه…..
أوقفوا الحرب وسلموا السلطة حتى تنقذوا الشعب، غير ذلك مصيرنا ومصيركم بلاد الواق واق؟!