التوتر بين وزير العدل والإسلاميين مستمر على خلفية إصلاحات القانون الجنائي ومدونة الأسرة
وجه عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، اتهامات إلى وزير العدل عبد اللطيف وهبي، بـ”استهداف حزبه”، و”التطاول على الملك”، في أحدث التعبيرات عن التوتر المتصاعد بين هذا الوزير والإسلاميين على خلفية الإصلاحات المرتقبة على القانون الجنائي ومدونة الأسرة.
وتصاعد التوتر بين الطرفين مؤخرا، جراء حديث الوزير بشكل متتابع، عن عزمه تنفيذ إصلاحات واسعة على القانون الجنائي لا تساير طريقة تفكير الإسلاميين، لاسيما حزب العدالة والتنمية.
والأسبوع الفائت، حاول بوانو دون أن يعطاه الحق في كلمة، إلقاء ملاحظات بخصوص حديث وزير العدل عن إصلاحات مرتقبة على مدونة الأسرة، إلا أن الوزير رد عليه بالقول، إنه يسعى لتكريس ديكتاتورية دينية. لم يمنح رئيس الجلسة الكملة لاحقا لبوانو الذي كان يرغب في الحصول على حق رد بدوره.
في تدوينة على حسابه في “فايسبوك”، كتب بوانو أن وهبي “قام باستغلال وجوده في البرلمان للتهجم على مجموعته النيابية دون أية مقدمات أو مبررات أو أسباب عندما توجه إلينا بسيل من الانتقادات والأوصاف وقفز ليتّهمنا بالديكتاتورية الدينية، ودون أن نكون أصحاب سؤال ولا تعقيب موجه له في هذه الجلسة”.
اعتبر بوانو أن الاتهامات التي ساقها وهبي “ذات خلفيات تتعلق بالعقدة التي يشكلها له حزب العدالة والتنمية، بل العقدة التي تشكلها له المرجعية التي ينطلق منها الحزب، والتي هي مرجعية الدولة والمجتمع في المغرب”، على حد تعبيره.
في سلسلة ندوات كانت مبرمجة شهر رمضان، لم يخف وزير العدل رغبته في إيقاف تأثير الإسلاميين على مشاريع القوانين التي ينوي إقرارها هذا العام، مثل القانون الجنائي. وتسبب له ذلك بانتقادات حادة من الصف الإسلامي، خصوصا من “البيجيدي” الذي كان إلى وقت قريب يعد صديقا له.
رئيس مجموعة “البيجيدي” يعتقد أن وزير العدل “مكلف بتنزيل أجندات جهات معينة (..) بمناسبة قرب تخليد 20 سنة على مدونة الأسرة” وبالسعي “لصناعة مجد وهمي على حساب دين المغاربة”، معتبرا أنه بلغ حد التطاول على الملك في موضوع إمارة المؤمنين، وفي أدوارها ومكانتها” من خلال “الفهم القاصر والمضلل للحلال والحرام”، من خلال “سحب مشروع قانون يتضمن تعليمات ملكية تتعلق بالإجهاض” في إشارة إلى مشروع القانون الجنائي.
يرى وهبي أن الإجهاض يجب أن يكون موضوعا محصورا بين المرأة وطبيبها الخاص. يرفض الوزير فرض عقوبات على النساء اللواتي يقدمن على هذه العمليات. لكن الإسلاميين الذين نجحوا في إيقاف إصلاحات واسعة على قانون الإجهاض عام 2016، يرون تصريحات وهبي بمثابة تهديد.
مع ذلك، لا يكل وزير العدل عن الرد على قادة “البيجيدي”، لاسيما أمينه العام، عبد الإله ابن كيران. في مطلع هذا الشهر، وجد وهبي نفسه وجها لوجه مع ابن كيران قبالة ضريح الحسن الثاني بالرباط، عندما انتقد ابن كيران سعيه إلى إقرار حريات إضافية في مشروع القانون الجنائي في غمرة الأزمة الاجتماعية. وهبي أشار في رده على الفور إلى حادث ضبط قياديين من حركة التوحيد الإصلاح، في شاطئ بالمنصورية قرب المحمدية، وهما بصدد أفعال جنسية وفق ما قالت الشرطة آنذاك.
سيستمر وهبي في الرد على ابن كيران لاحقا، دون تسميته في الندوات التي يشارك فيها. مستخدما عبارات شهيرة لهذا الزعيم الإسلامي، على سبيل التعريض بها.
ويشير تبادل الاتهامات هذه إلى ما يمكن توقعه من مناقشات صاخبة عندما تصبح القوانين موضوع هذا الجدل، جاهزة.