التوترات الهندية الباكستانية صراع النفوذ والتحالفات الجيوسياسية

أمد/ في ظل التصاعد المستمر للتوترات بين الجارتين النوويتين تبرز تداعيات هذه الأزمة على الصراعات في الشرق الأوسط خاصة الحرب الدائرة في غزة… فبينما تتخذ الهند موقفاً متحفظاً تجاه القضية الفلسطينية وتقَّوي علاقاتها مع إسرائيل، تظهر باكستان كمدافع صريح عن فلسطين مما يعكس انقساماً إقليمياً ودولياً تتشابك فيه التحالفات الاستراتيجية والمصالح الاقتصادية.
1 جذور الصراع وتداعياته الإقليمية
أ. صراع كشمير والنزاع النووي
• لا يزال النزاع على إقليم كشمير يشكل القضية المركزية في العلاقات بين الهند وباكستان حيث تدعم إسلام آباد حركات المقاومة الكشميرية الأقرب لباكستان بينما تتهمها نيودلهي بـ رعاية الإرهاب.
• امتلاك البلدين للسلاح النووي يجعل أي تصعيد عسكري مهدداً بكارثةٍ إقليميةٍ مما يدفع القوى الدولية للتدخل لاحتواء الأزمات مع الحفاظ على وجودها والتحكم بإثارتها من وقتٍ لآخر حسب المصالح.
ب. التحالفات الدولية وتأثيرها على الصراع
• الهند وإسرائيل: تحالف استراتيجي يعتمد على التعاون العسكري والاستخباراتي حيث أصبحت الهند أحد أكبر مستوردي الأسلحة الإسرائيلية.
• باكستان والصين: تحالف دفاعي واقتصادي خصوصاً مع مشروع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (CPEC) الذي يجعل بكين حليفاً أساسياً لإسلام آباد في مواجهة الهند والذي اثار حفيظة بعض الدول كالولايات المتحدة الامريكية.
2 تداعيات أحداث غزة على الصراع الهندي الباكستاني
أ. الموقف الهندي.. تقارب مع إسرائيل وحياد متحفظ تجاه فلسطين
• منذ تولي ناريندرا مودي السلطة عززت الهند علاقاتها مع إسرائيل بقوةٍ جلية خاصة في مجال مكافحة الإرهاب والتكنولوجيا العسكرية.
• في حرب غزة 20232024 امتنعت الهند عن إدانة واضحة لإسرائيل بينما أيدت على استحياء حل الدولتين دون ضغوط دبلوماسية قوية على تل أبيب.
• يعكس هذا الموقف مصلحة الهند في الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع الغرب وإسرائيل خاصة في مواجهة التحالف الصيني الباكستاني.
ب. الموقف الباكستاني الداعم لفلسطين كقضية إسلامية مركزية
• باكستان كدولة إسلامية ذات أغلبيةٍ سنيةٍ تتبنى خطاباً مناهضاً لإسرائيل وتدعم القضية الفلسطينية بشكل علني.
• تستخدم إسلام آباد القضية الفلسطينية كأداة لتعزيز نفوذها في العالم الإسلامي خاصة في مواجهة التحالف الهندي الإسرائيلي.
• تتلقى دعماً من دول مثل تركيا وإيران في هذا الموقف مما يعمق الانقسام بين المحورين الإسلامي والغربي.
3 تأثير الصراع الهندي الباكستاني على الشرق الأوسط
أ. تعزيز التحالفات المتنافسة
• المحور الهندي الإسرائيلي: يهدد بتقويض التضامن الإسلامي التقليدي مع فلسطين خاصة مع تقارب بعض الدول العربية (مثل الإمارات) مع إسرائيل.
• المحور الباكستاني التركي الإيراني: يسعى لتعزيز موقف مناهض لإسرائيل مما يزيد من الاستقطاب في المنطقة.
ب. تدخل القوى الكبرى كـ الولايات المتحدة والصين
• الولايات المتحدة تدعم الهند كحليف استراتيجي في مواجهة الصين مما يفسر دعمها الضمني للتحالف الهندي الإسرائيلي.
• الصين تدعم باكستان وتنتقد انتهاكات إسرائيل في غزة ولكن ليس بالقدر الفعال والمؤثر كجزء من سياستها لتعزيز نفوذها في العالم الإسلامي.
صراع النفوذ وتداخل الأزمات
تظلُ التوترات بين الهند وباكستان ليست معزولة عن الصراعات في الشرق الأوسط بل هي جزء من شبكة معقدة من التحالفات الجيوسياسية بالعالم.. فبينما تستفيد الهند من تحالفها مع إسرائيل والغرب تعتمد باكستان على دعم الصين والعالم الإسلامي، وزادت أحداث غزة من حدة هذا الاستقطاب حيث أصبحت القضية الفلسطينية أداة في الصراع الأوسع بين المحورين الغربي والشرقي، وفي هذا السياق يبقى الصراع الكشميري وحرب غزة وجهين لنفس المعادلة المتمثل في صراع النفوذ بين القوى العظمى في عصر التعددية القطبية.