التشطيب على صلاح الدين أبو الغالي من سلك الدكتوراه بجامعة الحسن الثاني بسبب مشكلات في شواهده العليا اليوم 24
قائمة المشاكل التي تصيب صلاح الدين أبو الغالي، عضو القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة، لا تتوقف عن التوسع. هذه المرة، يتعرض مساره الأكاديمي لضربة قاضية.
للعام الثالث على التوالي، يخفق هذا المسؤول الذي يرأس جماعة مديونة، في الإدلاء بشهادة معادلة لدبلوم ماستر حصل عليه من جامعة بيربينيان في فرنسا، كان ملف تسجيله بدكتوراه القانون العام بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء مشروطا بتوفيرها.
أدى ذلك في نهاية المطاف، إلى تشطيب تسجيله في سلك الدكتوراه الذي أخد لنفسه مقعدا فيه منذ عام 2022، في نكسة جديدة لهذا المسؤول السياسي البارز الذي يعاني من مشاكل عدة منذ قرر المكتب السياسي لحزبه تجميد عضويته إثر شكايات تتعلق بصفقات تجارية.
في لائحة طلبة سلك الدكتوراه المحينة لسنة 2025/2024، لم يعد اسم أبو الغالي يرد بين المسجلين. بهذه الطريقة، تضع الإدارة حدا لأي لغط. وفي العادة، يجري تحديث قائمة المسجلين في سلك الدكتوراه كل عام، وفق تقدم أعمال مرشحيها في الأطروحات المقترحة، أو بحسب وضعية الطلاب المعنيين.
تُلقي هذه التطورات مزيدا من الضوء على الطريقة التي جرى بها تسجيل أبو الغالي في سلك الدكتوراه، بالرغم من عدم استيفائه الشروط الجوهرية. تحدثنا إلى الأستاذ الذي كان مقررا أن يشرف على أطروحته، واسمه رشيد العرايشي، وقد أخبرنا أن « الانتقاء الفعلي في الحالات الخاصة بالترشيح في سلك الماستر أو الدكتوراه بالنسبة لطلبة يتوفرون على دبلومات تمنحها جامعات أجنبية، لا يتم إداريا إلا بعد تقديم شهادة المعادلة التي تمنحها الوزارة الوصية ».
هذه القاعدة لم تنطبق على أبو الغالي، فـ »رغم انتقائه من طرف اللجنة العلمية لسلك الدكتوراه، لم يستوف هذا الشرط، وبالتالي فتسجيله بسلك الدكتوراه لم يتم ». كما يضيف موضحا.
سُجل أبو الغالي في الدكتوراه في يناير عام 2022، لكن أستاذه المشرف سرعان ما ذهب إلى برشيد في أبريل الموالي، حيث عُين مديرا للمديرية العليا للتربية والتكوين.
سألنا وزير التعليم العالي، عبد اللطيف ميراوي، عن سر عدم حصول زميله في الحزب على شهادة المعادلة لشهادة الماستر التي حصل عليها من فرنسا. لم يجب عن ذلك، وكذلك فعل بالنسبة لباقي الأسئلة المتعلقة بهذا الوضع برمته الذي يجعل مسؤولا سياسيا من حزبه يقضي حوالي ثلاث سنوات باعتباره طالبا في الدكتوراه دون أن يستوفي الشرط الأساسي لذلك.
أما أبو الغالي، فقد وجهنا إليه أسئلتنا بخصوص وضعه في هذه الجامعة التي يزعم أنه يقدم فيها أيضا دروسا باعتباره أستاذا زائرا، لكنه فضل ألا يقدم أي إفادة.
لنتذكر أن أبو الغالي يعرض في سيرته الذاتية حصوله على شهادة ماستر في الإدارة العمومية وقانون الأعمال الدولي صادرة عن كلية السويسي بالرباط. لماذا لم يسلم هذه الشهادة إذن في طلب تسجيله بالدكتوراه تجنبا لكل هذه المشاكل المتعلقة بشهادة المعادلة؟ ببساطة، فهذه الشهادة هي عبارة عن ماستر مؤدى عنه (Master payant)، يندرج في إطار التكوينات المستمرة Formation continue المؤدى عنها، من أجل تطوير الكفاءات، خاصة للمزاولين المهنيين، و هي ليست شهادة وطنية، بل تعتبر « دبلوما جامعيا » diplôme universitaire، ولا يمكن من استكمال الدراسات العليا بسلك الدكتوراه.
مشكلات مفتوحة
ليست هذه آخر مشكلات أبو الغالي، لكنها ليست الأولى التي سيتعرض إليها هذا الشهر فقط. فالأسبوع الفائت، أمر قاض بالمحكمة الابتدائية بالرباط، بحجز الراتب الذي يتقاضاه أبو الغالي من البرلمان بوصفه عضوا بمجلس النواب عن دائرة مديونة.
أبو الغالي صدر بحقه قرار قضائي نهائي في قضية عدم أداء دين رفعها ضده مصرف «التجاري وفا بنك» وكسبها في كافة المراحل.
وصدر الأمر بالحجز على راتب أبو الغالي في 13 سبتمبر، ووقعته نائبة رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط. وقد بُلغت الأطراف بشأنه الاثنين المنصرم. وفقا للوثائق القضائية التي تحصلنا على نسخ منها، فإن أبو الغالي مدين لهذا البنك بـ271 ألف درهم، وهي قيمة مجموع رواتب ثمانية أشهر لنائب في البرلمان.
لا تمثل هذه المشكلة سوى جزءٍ صغيرٍ من المشاكل التي وجد أبو الغالي نفسه في خضمها منذ 10 سبتمبر، تاريخ تعليق عضويته في القيادة الجماعية للحزب.
لكنه لا يستسلم. في مواجهة ذلك، بدأ أبو الغالي إجراءات قضائية ضد حزبه، ساعيا إلى الحصول على حكم من القضاء بإبطال قرار المكتب السياسي في حقه.
قدم أبو الغالي هذه الدعوى إلى المحكمة الابتدائية بالرباط التي عادة ما تعالج القضايا المرتبطة بالخلافات الحزبية على صعيد الهياكل المركزية. ولقد كان لجوء أبو الغالي إلى هذا الخيار متوقعا مع إصراره في ثلاثة بيانات متتالية، على الدفع ببطلان قرار تجميد عضويته في القيادة الجماعية التي تضم إلى جانبه، كلا من فاطمة الزهراء المنصوري، التي تعتبر منسقة وطنية لهذه القيادة، والمهدي بنسعيد، وهما معا عضوان في الحكومة، بينما أبو الغالي نائب في البرلمان.
وفي نظر أبو الغالي، فإن الأعضاء الثلاثة على قدر متساو داخل هذه الهيئة، معتبرا أن سقوط عضو يؤدي بالضرورة إلى ذهاب الآخرين المتبقين.
بدأت قصة هذه الأزمة مع الإعلان المفاجئ للمكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، في 10 سبتمبر، تجميد عضوية أبو الغالي في هذه القيادة إثر شكاوى من زملائه بالحزب بخصوص أعمال تجارية انتهت بشكل سيء، لاسيما تلك التي جمعت بينه وبين عبد الرحيم بنضو، الأمين الجهوي لهذا الحزب في الدار البيضاء، بشأن بيع أرض بـ6 مليارات، لكن الصفقة لم تتم في نهاية المطاف، دون أن يستعيد بنضو أمواله. ينفي أبو الغالي وجود أي دور يعود إليه في هذه الصفقة التي كان شقيقه عبد الصمد صاحب شركة «إندوسميدأ» مسؤولا قانونيا، بحسبه، عن كافة إجراءاتها.
كشف تحقيق قمنا به في «اليوم 24»، وقائع كانت مخفية عن هذه الشركة التي أسسها بوشعيب أبو الغالي، وهي الشركة التي ستكون الحلقة الرئيسية في الصفقة الفاشلة مع بنضو. ستُظهر الضجة من حول هذه الشركة وجود حكم قضائي آخر بحقها يتعلق بدخول شركاء جدد كان أبو الغالي قد حاول منع ذلك.
في بيان صادر في 20 سبتمبر، تحدث أبو الغالي عن أسرته مشددا على كونها « معروفة لدى الخاص والعام بسمعتها الطيبة ونزاهتها ومصداقيتها ». كان ذلك قبل أن نكتشف أن والده أدين بارتكاب عملية اختلاس واسعة من شركة تأمين كان يسيرها في عقد الثمانينيات، وبلغت خسائرها جراء ذلك حوالي 50 مليارا، وحكم عليه بإعادتها. وبواسطة تلك الأموال جرى شراء عقارات في محيط منطقة الدار البيضاء، وإعادة بيعها بعد انتقالها من والده (الراحل) إلى أمه، ثم إليه، وإلى إخوته بواسطة نفس الشركات التي أسست في حياة والده لهذا الغرض.
وبسبب عمليات التفويت التي جرت وقتئد، عانت هذه العائلة أيضا من مشاكل بين أعضائها، عندما أفضت مسطرة تقدمت بها أخته مرية أبو الغالي، إلى أمر قاض للتحقيق بإغلاق الحدود في وجه والدته، نزهة العدلوني.
يخطط الحزب لطرد أبو الغالي في اجتماع المجلس الوطني في 19 أكتوبر، تبعا لذلك، بدأت اللجنة الوطنية للأخلاقيات والتحكيم بالحزب، تحقيقا داخليا بشأن هذه القضية، غير أن أبو الغالي لم يستجب لاستدعاء يطلب مثوله أمامها. أبو الغالي، ومن دون استعجال كذلك، سيطمح إلى صدور حكم لفائدته في هذه القضية يبطل أي إجراء إضافي ضده سيتخذه حزبه.
نشر هذا المسؤول ثلاثة بيانات في 10 و12 و20 سبتمبر، حيث كال نقدا حادا إلى المنصوري، بل وبشكل غير مسبوق، أشار إلى استخدامها تلميحات إلى صلتها بـ « الفوق » و »الجهات العليا »، في مسعاها إلى إدارة الحزب بيد من حديد. وفي نظر الحزب، فإن أبو الغالي قطع أي طريق لعودته إلى الحزب جراء تلك الاتهامات.
توقف أبو الغالي عن بث أي بيانات إضافية منذ ذلك الوقت، لكن لا يبدو أن مشاكله التي بدأت، قد تجد نهاية قريبة.