اخر الاخبار

التحذير من أكل أموال الناس بالباطل

 إن أكل الأموال بالباطل حرام، وفاعله معرّض للوعيد الشديد الوارد في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما* ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا}. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله”.

إن أكل أموال الناس دون مقابل، كما يفعله الكثير هذه الأيام، داء فتاك، ومرض عضال، خطره على الأفراد عظيم، وفساده للمجتمع كبير، ما وقع فيه امرؤ إلا ومُحِقت منه البركة في صحته ووقته ورزقه وعياله وعمره، وما تدنّس به أحد إلا وحُجبت دعوته، وذهبت مروءته، وفسدت أخلاقه، ونُزع حياؤه، وساء منْبَته، وخسر في دنياه وفي أخراه.. يسبب الهلاك والخسران للمجتمعات، ويفسد أحوالها، وينشر الظلم فيها، وما انتشر هذا الداء في مجتمع إلا وغابت منه الفضيلة، وحلت فيه الرذيلة والكراهية والأحقاد، وما وقع في أمة إلا وحلّ فيها الغش محل النصيحة، والخيانة محل الأمانة، والظلم محل العدل، والخوف محل الأمن…

صور أكل أموال الناس بالباطل
ولأكل أموال الناس بالباطل صور كثيرة، ومظاهر عديدة، جاء الإسلام بتحريمها وحماية الناس منها، لما يترتب عليه من مخاطر جسيمة، وعواقب وخيمة في الدنيا والآخرة، ومن ذلك:
الغصب والسرقة؛ وهذا داء يعاني منه مجتمعنا اليوم، حيث تغتصب أموال الناس وتُسرق تحت تهديد الخناجر والسيوف، وترتكب فيه أبشع الجرائم من قتل وجرح وتشويه. ولذلك، شدّد فيه الإسلام ووضع له حدّا من الحدود، فقال الله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم}.

الرشوة؛ وهي كل ما يدفعه المرء لمن تولى عملا من أعمال المسلمين ليتوصل به إلى ما لا يحل له. ولها صور كثيرة؛ من أعظمها ما يُعطى لإبطال حق، أو إحقاق باطل، أو لظلم أحد من الناس. ودفع المال في مقابل قضاء مصلحة يجب على المسؤول عنها قضاؤها بدون هذا المقابل، ومن رشى ليُعطى ما ليس له، أو ليدفع حقا قد لزمه، أو رشى ليُفضَّل أو يقدم على غيره من المستحقين. وقد حرّمها الإسلام أخذا وعطاء، وحذر منها، فقال الله تعالى: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون}، وعن عبد الله بن عمرو؛ قال: “لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي”.

التطفيف في الكيل والميزان؛ وهذا أمر يتهاون فيه كثير من الناس، فإذا كانوا بائعين أخسروا ونقصوا في الكيل والوزن، وإذا كانوا مشترين استوفوا وزادوا في الكيل والوزن، والله سبحانه وتعالى يقول: {ويل للمطففين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون * ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون * ليوم عظيم * يوم يقوم الناس لرب العالمين}.

أكل مال اليتيم؛ فمن كان عنده مال ليتيم فأكله أو جحده فهو آكل لأموال الناس بالباطل، وقد توعّد الله تعالى عليه بأشد الوعيد، فقال سبحانه: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا}.

عدم الوفاء بالديْن؛ فمن الناس من يأخذ الدين وفي نيّته ألا يرده، أو يماطل في رده لصاحبه، وحقوق العباد عند الله عظيمة، فلا مناص من أدائها وردها إلى أصحابها قبل أن يأتي يوم لا يتقاضى فيه بالدينار ولا بالدرهم، ولكن بالحسنات والسيئات، والله سبحانه وتعالى يقول: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}.

سبل الوقاية
تربية النفس على الخوف من الله، والحياء من الله؛ فإن من يخاف الله ويستحيي من الله ويستحضر مراقبة الله لا يعتدي على عباده، ولا يمد يديه إلى أموالهم.
تحري الحلال والاستغناء به عن الحرام؛ فإن الإسلام حض المؤمنين وأمرهم بالأكل من الطيبات والمباحات، واجتناب المحرمات والخبائث والمكروهات، وترك الأشياء المشتبهات، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون}.

والخوف من الخزي والعار والخسران والعذاب يوم القيامة؛ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم، من قبل أن يُؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *