التبعية والتوصية والاحتواء أمد للإعلام
أمد/ هل يمكن الانعتاق من التبعية والوصاية والاحتواء بينما المنطقة العربية تحترق بفعل صراع بين الحلفاء من جهة وبين المحور من جهة أخرى ، حلفاء الكيان الصهيوني ومحور إيران ، والضحية هي القضية الفلسطينية، فقرار الحرب في فلسطين لم يكن قرار القيادة الفلسطينية وكذلك قرار الحرب في لبنان لم يكن قرار الحكومة اللبنانية ، فقرار الحرب كان منذ البداية هو قرار طهران مركز محور إيران الذي أطلقوا عليه محور المقاومة تجنياً على المقاومة الفلسطينية التي دفع الشعب الفلسطيني الثمن باهظاً أرضاً وشعباً حيث غدت مقومات الحياة شبه معدومة في قطاع غزة ، وكذلك الحياة في جنوب لبنان وفي الضاحية الجنوبية لبيروت تزداد مأساة ساعة بعد ساعة ، وأصبحنا نرى مشاهد التدمير والمجازر في لبنان هي ذاتها المشاهد في قطاع غزة ، فتكتيك العدو الصهيوني التدمير والقتل المبرمج وتحقيق أهدافا متتالية تقضي على مقومات الحياة في قطاع غزة وجنوب لبنان .
وأصبح قرار وقف إطلاق النار في المنطقة هو ملك يمين طهران وإن كان نتنياهو هو المتحكم الأهم في سيناريو الحرب الذي يأخذها جنوباً وشمالاً بما يحقق رغبته في ديمومة الحرب ما دامت تخدم مصالحه الخاصة تحت ذريعة إعادة الأسرى جنوباً ، وعودة السكان شمالاً ، وهو في حقيقة أمره جعل عودة الأسرى الورقة الرابحة له لاستمرار حرب الإبادة في قطاع غزة بهدف إنهاء المقاومة الفلسطينية عموماً وإنهاء حركة حماس خصوصاً وعلى وجه الأخص منها التخلص من السنوار ، وهو قد فتح جبهة الشمال بهدف القضاء على حزب الله فقام بالقتل والتدمير وبكل الوسائل والأدوات الممكنة والمستحيلة تحت عنوان تأمين عودة السكان إلى الشمال بينما الذي جرى هجرة المزيد من سكان الشمال إلى الوسط .
وقد انتقلت مفاوضات وقف إطلاق النار بين العديد من العواصم العربية والأوربية وقاعة مجلس الأمن دون الوصول إلى اتفاق وإن كان مجلس الأمن قد أصدر قراراً بوقف إطلاق النار حسب رؤية الرئيس الأمريكي بايدن ، إلا أن بايدن نفسه لم يعمل جهده لتنفيذ رؤيته لكون واشنطن شريك أساس في الحرب على غزة ، كما هي اليوم شريك في الحرب على لبنان .
وقد كانت طهران في صلب عملية طوفان الأقصى منذ التهيئة إلى التنفيذ وصولاً إلى الوضع المأساوي الذي يعيشه القطاع اليوم وهي صاحبة القرار في كل المراحل التي مرت بها حرب الإبادة ، لأنها أرادت ان تكون هذه الحرب مع الولايات المتحدة الأمريكية لتحقيق مصالحها في المنطقة والتي أوكلت مهمتها لوكلائها الفلسطينيين وقد كان لها ذلك ، حيث خضعت كل من حركتي حماس والجهاد على وجه الخصوص والعديد من الفصائل الفلسطينية لعملية تبعية واحتواء من قبل طهران التي أصبحت صاحبة القرار لتلك الفصائل وخاصة في قضية وقف إطلاق النار في قطاع غزة والتي ربطتها اليوم بوقف إطلاق النار في لبنان وكل ذلك بعيداً عن الرسمية الفلسطينية والرسمية اللبنانية .
وقد رفضت قيادات لبنانية شيعية هيمنة طهران على كل من حزب الله وحركة حماس مؤكدة على أنها أخذتهما خارج الهوية الوطنية الفلسطينية واللبنانية ، وهذا ما يؤكد تبعية تلك القوى الفلسطينية واللبنانية للقرار الإيراني .
وقد رفضت تلك القيادات الشيعية التدخل الإيراني بالشأن اللبناني مطالبة طهران بالاعتذار على تصريحات وزير خارجية إيران في كل من بيروت ودمشق حول وقف إطلاق والذي جعل من نفسه الوصي على فلسطين ولبنان بربطه لوقف اطلاق بين غزة ولبنان .
من أخطر الأمور التي كانت تتعرض لها القيادة الفلسطينية على مدى ستة عقود هو رفضها للوصاية والتبعية والاحتواء وتمسكها بالقرار الوطني الفلسطيني، واليوم في ظل دعوة بعض الفصائل الفلسطينية إلى حوار وطني فلسطيني لتنفيذ مخرجات لقائي موسكو وبكين يجب على الكل الفلسطيني أن يتكلم بلغة فلسطينية من أجل إنجاز أهداف فلسطينية آنية في هذه المرحلة الحرجة بعيدا عن التبعية والوصاية والاحتواء .