أمد/ يتسارع المشهد الدولي نحو تعزيز الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة، في وقت ما زالت فيه الأرض الفلسطينية تعاني من الاحتلال والاستيطان والانقسام.

هذا التناقض بين الشرعية الدولية والواقع على الأرض يجعل الاعتراف بفلسطين خطوة بالغة الأهمية من الناحية الرمزية والسياسية، لكنها في الوقت نفسه تصطدم بجدار الاحتلال الذي يحول دون تحويلها إلى سيادة حقيقية.

منذ إعلان وثيقة الاستقلال عام 1988، توالت اعترافات الدول بفلسطين حتى تجاوزت 140 دولة، تشمل غالبية دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، في السنوات الأخيرة، شهد الملف زخماً جديداً بعد اعتراف دول أوروبية مثل إسبانيا وإيرلندا والنرويج، ثم بريطانيا مؤخراً، وهو ما يعكس تحولاً تدريجياً في مواقف الغرب تجاه القضية الفلسطينية، هذه الاعترافات تمنح الفلسطينيين زخماً سياسياً ومعنوياً، وتضع إسرائيل أمام ضغط متزايد في الساحة الدبلوماسية.

رغم أهميته، يظل الاعتراف الدولي محدود الأثر على الأرض، فالدولة الفلسطينية تفتقر إلى السيطرة على حدودها ومواردها، فيما يواصل الاحتلال الإسرائيلي فرض وقائع جديدة عبر التوسع الاستيطاني والحصار، كما أن الانقسام الفلسطيني الداخلي يضعف قدرة الفلسطينيين على استثمار الاعترافات وتحويلها إلى قوة سياسية موحدة.

من الناحية القانونية، الاعتراف بفلسطين يتيح لها الانضمام إلى مؤسسات دولية مهمة مثل المحكمة الجنائية الدولية، ما يمنحها أدوات لملاحقة إسرائيل على جرائم الحرب والانتهاكات، أما دبلوماسياً، فهو يعزز مكانة فلسطين كطرف شرعي في النظام الدولي، ويعيد القضية الفلسطينية إلى واجهة الأجندة السياسية العالمية، في مواجهة محاولات طمسها أو اختزالها في أبعاد إنسانية فقط.

غير أن كل هذه المكاسب تبقى في إطار الشرعية الرمزية ما لم تتغير موازين القوى على الأرض، فإسرائيل، بدعم من حلفاء مؤثرين، تواصل توسيع المستوطنات، وفرض الأمر الواقع بالقوة، ما يجعل الدولة الفلسطينية أقرب إلى “دولة على الورق” منها إلى دولة فعلية، هنا يظهر جوهر التناقض: الشرعية الدولية الواسعة تصطدم بجدار الاحتلال الصلب.

الاعتراف الدولي بفلسطين يمثل مكسباً سياسياً ومعنوياً لا يمكن إنكاره، لكنه ليس حلاً نهائياً، إنه خطوة تفتح الباب أمام تعزيز الشرعية الفلسطينية في العالم، وتزيد من عزلة إسرائيل دبلوماسياً، إلا أن الحسم يبقى مرتبطاً بإنهاء الاحتلال وتوحيد الصف الفلسطيني.

 فبينما يكتب العالم في بياناته “نعم لفلسطين”، يبقى الواقع على الأرض يصرخ بأن الحرية والسيادة ما زالتا مؤجلتين خلف جدار الاحتلال.

 

شاركها.