الاعتداءات الإسرائيلية تلقي بظلالها على زيارة الرئيس اللبناني إلى فرنسا

أمد/ لم تكن مصادفه اعتداءات ” إسرائيل ” على لبنان وقصف الضاحية الجنوبية في بيروت والتي تصادفت مع زيارة الرئيس جوزيف عون إلى فرنسا الجمعة، مما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى رفع النبرة ضدّ إسرائيل والمطالبة بـ”ضغط” أكبر من دونا لد ترامب لصون الهدنة الهشّة في لبنان.
وكان الهدف من هذه الزيارة الرسمية الأولى التي يجريها الرئيس اللبناني إلى دولة غربية منذ انتخابه في كانون الثاني/يناير الاحتفاء بـ”الصداقة الراسخة” بين البلدين، بحسب الجانب الفرنسي.
وخلال مؤتمر صحافي، قال ماكرون الذي زار بيروت في 17 كانون الثاني/يناير لتهنئة جوزيف عون الذي استتبع انتخابه تشكيل حكومة برئاسة الإصلاحي نواف سلام إن “لبنان على المسار الصحيح”.
وساهمت فرنسا مساهمة حثيثة في الجهود الدبلوماسية المبذولة لحلحلة الوضع في لبنان وباتت تأمل اليوم في أن تنطلق عجلة الإصلاح في البلد ليخرج من أزمته الاقتصادية والاجتماعية.
وأكّد ماكرون أن باريس تعتزم استضافة “مؤتمر دولي لإنعاش لبنان” بناء على “الإصلاحات المؤسسية والاقتصادية التي تطلقها الحكومة اللبنانية”.
غير أن زيارة الرئيس اللبناني فرنسا جرت في يوم تعرّض فيه وقف إطلاق النار الهشّ الذي أبرم برعاية الولايات المتحدة وفرنسا بين إسرائيل وحزب الله لأكبر خرق منذ دخوله حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
ومن الإليزيه، صرّح الرئيس اللبناني وإلى جانبه نظيره الفرنسي أن تحقيقات الجيش تشير إلى أن “حزب الله ليس مسئولا” عن إطلاق الصواريخ أخيرا نحو إسرائيل.
وأكّد عون “سيكون هناك تحقيق” في مصدر عمليات إطلاق الصواريخ، مضيفا “استنادا لتجربتنا السابقة والأدلّة الموجودة على الأرض، فإنّه ليس حزب الله… حزب الله أعلن عدم مسؤوليته”.
وعن مصير اتفاق وقف إطلاق النار، تساءل الرئيس اللبناني خلال المؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي “إن لم تكن الولايات المتحدة وفرنسا قادرتين على تأمين ضمانات، فمن يمكنه تأمين ضمانات؟” وصرّح ماكرون من جانبه أن ما من معلومات وردته “في هذه المرحلة” عن “ضربات لحزب الله”، مشيرا “لم تنفّذ أنشطة قد تبرّر هذه الضربات”.
ووجّه الرئيس الفرنسي سهامه إلى الدولة العبرية، مندّدا بضربات تشكّل “انتهاكا لوقف إطلاق النار” على نحو “أحادي” وهي من ثمّ “غير مقبولة” و”تنكث وعدا مقطوعا” و”تصبّ في مصلحة حزب الله” وأعلن ماكرون عزمه الاتصال بدونالد ترامب “في الساعات المقبلة” وبرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في اليومين المقبلين.
بأكثر من طريقه عبر الرئيس الفرنسي ماكرون عن الأهمية التي توليها باريس تجاه لبنان وإظهار الموقف الفرنسي بالدفاع عن لبنان ، وتضمن ذلك لقاء فيديو ضم، إضافة إلى عون، الرئيس السوري أحمد الشرع، وتركّز على شروط طرحها لتأمين زيارة للشرع إلى باريس (وهو ما يعني اعترافا فرنسيا رسميا به) وعلى رأسها اتخاذ خطوات لحل قضية اللاجئين السوريين في لبنان، وبحث ” قضية الأمن على الحدود السورية اللبنانية”.
انتهز ماكرون، أيضا، زيارة عون لعقد اجتماع فيديو خماسي ضم رؤساء فرنسا ولبنان وسوريا وقبرص واليونان وذلك، لمناقشة ” التحديات المرتبطة بالأمن البحري” ، و” التأثير البيئي الإقليمي على الأمن”، على حد تعبير قصر الإليزيه، وكذلك، طبعا، على مسألة ” عودة النازحين السوريين “.
تزامنت التطوّرات الأمنية ـ السياسية الأخيرة مع إعلان في اليوم نفسه لـ«اتفاق جدة» لترسيم الحدود بين سوريا ولبنان، الذي رعته السعودية، وهو اتفاق يتضمن أيضا اتفاقا للتنسيق بين البلدين للتعامل مع التحديات الأمنية والعسكرية.
ووفق ما ذكرته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن ترامب طلب من نتنياهو عدم استهداف العاصمة اللبنانية أو المرافق الحيوية فيها مثل المطار والمرفأ وشركة الكهرباء، لكن ذلك ترافق مع تصريحات لمورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، كرّرت فيها الدفاع عن إسرائيل وركزت في مجموعها على لوم لبنان على إطلاق الصواريخ، وزعمت أن إسرائيل لا تنتهك اتفاق وقف النار مع لبنان، وأن إيران و” حزب الله” هما ” من جرّا لبنان إلى الحرب”.
التداعيات الاقليميه والدولية لتصاعد العدوان الإسرائيلي على غزه والضفة الغربية وسوريا ولبنان ، والذي يفسّر الطبيعة الاستحواذية والعدوانية ، وسعي إسرائيل لإعادة تشكيل المنطقة بناء على أولوياته، من دون تباينات شديدة بين أمريكا وإسرائيل ، وهو أمر يتناقض مع الحراك الأوروبي والذي تحاول فرنسا كما يلاحظ ، لعب دور بارز فيه، وهو محور يحاول بدوره وضع أولويات تتمثّل بتعزيز التحالفات الغربية المتوسطية، والرعاية الفرنسية ” الخاصة” للبنان، مع محاولة مدّ ذلك إلى سوريا، بالتوافق، أو التنافس مع النفوذ التركيّ المتزايد، والجهد الإسرائيلي لمواجهته (مع استراتيجيات خبيثة لتفكيك سوريا)
الموقف العربي الذي يتوافق مع الموقف الأوروبي وتسعى فيه العديد من الدول العربية ، لتعزيز مظلتها للاستقرار في سوريا ولبنان، وهو ما تظهره رعاية ” اتفاق جدة ” الأخير، والعمل الذي تقوم به قطر لتأمين التمويل والطاقة في سوريا، وجهودها للاستقرار في لبنان.
المنطقة دخلت صراع المحاور الإقليمية والدولية والتي تتطلب من المنظومة العربية توحيد جهودها وصفوفها في مواجهة خطر العدوان والاعتداءات الإسرائيلية وتهديد نتنياهو بتغيير خريطة الشرق الأوسط