أمد/ تُصرّ الإدارة الأمريكية على استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، رغم موافقة 14 من الدول الأعضاء على قرار وقف العدوان والإبادة الجماعية في قطاع غزة،
باستثناء الإدارة الأمريكية التي تُصرّ على أن “لا تسمع ولا ترى” ما يجري من تطهير عرقي بحق الفلسطينيين.
هذا الموقف الأمريكي المنحاز لـ”إسرائيل” — كدولة احتلال تمارس أبشع أنواع الإبادة الجماعية — مستمر منذ 20 شهرًا متواصلة.
ورغم مليارات الدولارات التي حصل عليها الرئيس ترامب خلال زيارته لدول الخليج العربي،
للأسف، لم تستخدم تلك الدول نفوذها للضغط عليه،
بل إن بعض هذه الدول، كدولة قطر، قدمت طائرة رئاسية تم تحويلها لاحقًا إلى وزارة الدفاع الأمريكية.
وتُعتبر مجمل تلك الأموال التي حصدها خلال مدة قصيرة “تحصيل حاصل”، ولن تؤثر على ما تقوم به “إسرائيل” من إرهاب وإبادة جماعية.
لقد راهن البعض على أن زيارة الرئيس ترامب قد تفتح أفقًا جديدًا لوقف شلال الدم الفلسطيني،
لكن المراهنة على الموقف العربي فشلت، كما أثبتت نتائج تلك الزيارة،
وها هو الفيتو الأمريكي يشكل صفعة جديدة في وجه كل من كان ينتظر تغييرًا.
هذا الفيتو هو أيضًا رسالة موجهة إلى فرنسا والمملكة العربية السعودية، اللتين تستعدان لعقد المؤتمر الدولي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك خلال هذا الشهر،
وموجه أيضًا إلى عشرات الدول التي أعلنت نيتها دعم الاعتراف بدولة فلسطين كعضو كامل في الأمم المتحدة،
استنادًا إلى قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، وعلى رأسها القرار 181 (قرار التقسيم)
والقرارات التي تؤكد حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
وقد أكدت مصادر إعلامية أن عددًا من الدول الأوروبية تستعد للاعتراف بدولة فلسطين خلال المؤتمر الدولي.
ونتذكر القرار رقم 2334 الصادر في نهاية ولاية أوباما عام 2016، والذي امتنعت فيه الإدارة الأمريكية عن التصويت،
وكان ذلك هو الحد الأدنى المقبول… وهو ما لم تلتزم به إدارة ترامب خلال جلسات مجلس الأمن الأخيرة.
الرئيس ترامب، الذي يتحدث عن إنهاء الحروب في العالم،
أطلق جولات تفاوضية بين روسيا وأوكرانيا في تركيا، ومفاوضات نووية مع إيران في مسقط وإيطاليا،
كما قام بزيارة للمملكة العربية السعودية حظيت بكل مظاهر كرم الضيافة،
وترافقت مع مطالبات عربية، منها دعوة للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس… إلا أن اللقاء لم يتم.
وفي مفارقة محزنة، لم يستخدم النظام الرسمي العربي والإسلامي أيًا من أوراق الضغط على الإدارة الأمريكية،
رغم حجم المليارات التي دُفعت خلال زيارة استغرقت أربعة أيام.
في المقابل، رئيس كولومبيا سحب سفير بلاده من “إسرائيل”، والرئيس التشيلي اتخذ موقفًا مماثلًا،
بينما تتحدث دول أوروبية لأول مرة عن فرض عقوبات ومنع بيع أسلحة لـ”إسرائيل”.
أما بعض الدول العربية، فما زالت تصدر بيانات خجولة تتمنى فيها على “إسرائيل” وقف العدوان…
في الوقت الذي يتم فيه الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، دون الحديث عن آلاف الأسرى والأسيرات الفلسطينيين في سجون الاحتلال قبل السابع من أكتوبر،
ودون الحديث عن المعتقلين في معسكرات الاعتقال السرية، والتنكيل، والإعدامات الجماعية.
لقد انتصرت شعوب العالم، بما في ذلك في الجامعات الأمريكية، تضامنًا مع الشعب الفلسطيني،
بل إن بعض قادة المعارضة الإسرائيلية أنفسهم وصفوا حكومة نتنياهو بأنها تمارس تطهيرًا عرقيًا وقتلًا ممنهجًا للأطفال والنساء والشيوخ في قطاع غزة.
وفي الأمس، وأثناء جلسة مجلس الأمن،
كان المستوطنون الصهاينة، بدعم من جيش الاحتلال، يقتحمون ويحرقون البيوت والمزارع في شمال الضفة الغربية.
لا توجد منطقة آمنة في الضفة الغربية ولا في القدس ولا في المخيمات.
لذلك نقول: لا جدوى من البيانات الخجولة التي تصدر عنكم، حتى لا تحرجوا أنفسكم في علاقاتكم مع “العم سام”.
وفي يوم وقفة عرفة، نقول:
حسبنا الله ونعم الوكيل، ونفوض أمرنا إلى الله رب العالمين.