أمد/ لم يوفق رئيس كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي في البرلمان الأردني خلال مقابلته الأخيرة على قناة العربية، إذ حاول جاهدًا الدفاع بشدة عن أفعال بعض منتسبي جماعة الإخوان المسلمين، التي تُعد محظورة حاليًا في المملكة الأردنية الهاشمية، وذلك عبر تبريرات سياسية وقانونية لم تلقَ آذانًا صاغية في الشارع الأردني.

وقد بدأ الأردنيون بالفعل بمعاقبة الجماعة وعناصرها داخل الهيئات النقابية والمهنية، حيث لم يحصل مرشحو الجماعة في العديد من النقابات على أيّ مقاعد في مجالسها، ولم يفلحوا في إيصال كوادرهم داخل التركيبة السياسية الأردنية، التي تعكس صورة عن مزاج الشارع.

أما اتهامات النائب صالح العرموطي للدولة بأنها تآمرت لتنفيذ مخططات أميركية وإسرائيلية لمحاربة الإسلام، فلم تلقَ اهتمامًا واسعًا من الأردنيين، كما أن المقابلة التلفزيونية لم تحقق انتشارًا داخل الأوساط السياسية والمجتمعية، وفق مؤشرات قياس المشاهدات.

عبرت بعض النخب الفكرية والسياسية والصحفية عن استيائها من غوغائية الطرح، وعجزه عن تقديم تبرير واضح لتورط أفراد داخل الجماعة في قضية تصنيع صواريخ داخل المملكة، وهو ما يُعيد استنساخ تجارب ميليشياوية نشرت الإرهاب والفوضى في المنطقة، ما خدم المخططات الإسرائيلية في المقام الأول والأخير.

لم ينجح الإخوان في الأردن، ولا ذراعهم السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي، في تجاوز مأزقهم مع الدولة والشعب، إذ لا يزال نهجهم السياسي يعتمد على الأساليب التقليدية، مستندًا إلى استغلال الدين وتحويله إلى أيديولوجيا ذات رؤى مبتورة للوصول إلى السلطة.

يحاول الحزب استغلال توجهات ظاهرية تستهدف الغرب وحلفاءه لكسب تأييد شعبوي محدود، وهو ما مكّنه مؤخرًا من إيصال 30 نائبًا فقط إلى البرلمان الأردني، أي ما يعادل ربع مقاعد مجلس النواب، وهو ما يُظهر أن شعبية الجماعة كانت ولا تزال محل مبالغة من عناصرها وقياداتها ومن الأنظمة الحليفة لها.

اليوم، تسعى كتلة جبهة العمل الإسلامي داخل البرلمان إلى اللعب في منطقة خطرة من خلال طرح مشروع قانون للعفو العام، في محاولة لإنقاذ مكانتها، والخروج من مأزقها السياسي، ولملمة شعبيتها المبعثرة بفعل خطاب تهكمي استعلائي تكفيري، كان آخر تجلياته في مقابلة رئيس الكتلة مع قناة “العربية”.

لكن مساعي الإخوان المشاغبة والمشاكسة للدولة الأردنية لن تؤدي إلى تمرير مشروع القانون داخل البرلمان، نظرًا إلى وجود اعتبارات سياسية واقتصادية واجتماعية عديدة تعيق تنفيذه، أبرزها عدم مرور سنة على صدور آخر عفو عام في المملكة.

تمتلك الدولة الأردنية أجهزة ومؤسسات قادرة على اتخاذ خطوات استباقية لتفريغ مشروع القانون من مضمونه، ومنع قيادات الجماعة من استغلال قضايا تمس حقوق المواطنين بحثًا عن استرجاع شعبية مفقودة، تلك الشعبية التي كرستها الجماعة عبر عقود، لكنها اليوم باتت تتلاشى.

تأخذ كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي على عاتقها محاولة إغاثة جماعة الإخوان في الأردن من المستنقع الذي وضعتها فيه بعض قياداتها، ممن سعوا وراء طموحات تتماهى مع أجندات إقليمية، لم تقرأ تاريخ المملكة ولا قوة حضورها أمام أيديولوجيات فكرية، قومية وبعثية ويسارية، اندثرت أمام تماسك الدولة الأردنية العميقة وسطوتها السياسية.

شاركها.