الأوضاع الاقتصادية في غزة: دمار شامل وتدهور غير مسبوق
أمد/ مع دخول الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة عامها الثاني، يواجه الاقتصاد الفلسطيني في القطاع وضعاً كارثياً وغير مسبوق. منذ بداية العدوان في أكتوبر الماضي، لم تقتصر الهجمات على الأرواح والبنية التحتية فحسب، بل امتدت لتشمل تدمير كامل للاقتصاد المحلي، مما أدى إلى نتائج مدمرة طالت جميع جوانب الحياة الاقتصادية.
انكماش غير مسبوق في الاقتصاد
تشير التقارير الدولية، خاصةً تقرير “أونكتاد”، إلى أن الناتج المحلي الإجمالي في غزة انكمش بنسبة 81% في الربع الأخير من عام 2023، مما يعني انكماشاً عاماً بلغ 22% للسنة كاملة. مع هذا الانخفاض الحاد، وصل الاقتصاد الغزي بحلول منتصف 2024 إلى أقل من سدس مستواه في عام 2022، وهو ما يعتبر انهياراً شاملاً غير مسبوق.
هذا الانكماش الاقتصادي لم يأتِ من فراغ؛ فالحرب دمرت البنية التحتية للمصانع والشركات، حيث تشير التقديرات إلى أن 82% من الشركات تعرضت للدمار الجزئي أو الكلي. المصانع التي نجت من القصف تعاني الآن من شلل تام، بعد تدمير شبكات الكهرباء والمياه، ومنع دخول المواد الخام الضرورية لاستئناف العمل.
تدمير الأصول الزراعية وزيادة الفقر
القطاع الزراعي في غزة، الذي يشكل جزءاً مهماً من الاقتصاد المحلي، تعرض لدمار واسع، حيث دُمرت ما بين 80% و96% من الأصول الزراعية، بما في ذلك الأراضي المزروعة، أنظمة الري، ومزارع الماشية. هذا الدمار لم يؤثر فقط على سبل العيش للمزارعين، ولكنه فاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي التي تعاني منها غزة منذ سنوات. الفقر الذي كان منتشراً على نطاق واسع قبل الحرب، بات اليوم يشمل جميع سكان غزة تقريباً، مما دفع الاقتصاد المحلي إلى حافة الانهيار الكامل.
ارتفاع معدلات البطالة
قبل بدء العدوان الأخير، كانت غزة تعاني من بطالة مرتفعة تصل إلى 12.9%. اليوم، تشير التقارير إلى أن البطالة تجاوزت نسبة 32%. فقدان الوظائف وصل إلى ثلثي القوى العاملة، مع تدمير الشركات والمؤسسات الصغيرة، مما أضاف تحديات اجتماعية كبيرة تتعلق بتوفير الاحتياجات الأساسية للسكان.
نداء دولي لإعادة الإعمار
في ظل هذا الوضع الكارثي، فإن القطاع الخاص، الذي يشكل عمود الاقتصاد المحلي، لم يعد قادراً على الوقوف وحده. المؤسسات الدولية والمنظمات الإنسانية مدعوة إلى التدخل العاجل لوقف هذا التدهور المتسارع. هناك حاجة ماسة لدعم فوري لإعادة بناء ما دمرته الحرب، سواء في القطاع الصناعي، الزراعي، أو الخدمات الحيوية.
التحديات التي تواجه غزة اليوم لا تقتصر على تأثيرات الحرب وحدها، بل تمتد لتشمل القيود الاقتصادية الشديدة التي تفرضها إسرائيل على حركة الأفراد والبضائع. هذه القيود تعرقل بشكل كبير جهود التعافي وإعادة الإعمار، مما يزيد من صعوبة استعادة النشاط الاقتصادي في القطاع. ومع ذلك، وعلى الرغم من كل هذه الظروف العصيبة، يؤكد القطاع الخاص في غزة، بقيادة الغرف التجارية الصناعية الزراعية، استعداده الكامل للتعاون مع المجتمع الدولي للمساهمة في إنعاش الاقتصاد المحلي واستعادة قوته من جديد.
إن الحديث عن إعادة إعمار غزة ليس ترفاً، بل ضرورة ملحة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. تدمير الاقتصاد يعني تدمير مستقبل الأجيال القادمة. وعليه، يجب أن يكون التحرك الفوري من قبل المجتمع الدولي هو الأمل الذي يستند إليه الشعب الفلسطيني في هذه اللحظة العصيبة.