أمد/ كلما أشاهد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأرى أطباق السلطات والمأكولات الشهية تملأ طاولتهم، وتزدحم فوق بعضها البعض، وفي غالبيتها ستذهب الى سل القمامة كما هي، يطرق بالي الأطفال الجياع هنا في غزة الحزينة، فأروح أتصور وأشاهد أطفال غزة، الذين يعيشون على قارعة الطريق، وعلى هامش الحياة، والذين ينامون على الطوى، فتبرز منهم العظام، وتغور العيون وتدمع، وتتأوه النفوس، وتنشطر قلوب الأهل حزناً وكمداً…
إن منظر الطفل الجائع، الناتئ العظام، يبكيني، يحز في نفسي، يسلبني اللذة ويسرق مني السعادة، فأروح اتخيل أبنائي وأحفادي يعيشون ضنك العيش، فارتجف وأرتعد، وأغرق في حلم مفزع او كابوس مؤرق.
يا إلهي …. ماذا جنى هؤلاء الملائكة؟!
لماذا تسمن قطط وكلاب بعض البلدان وتعيش الدلال والغنج، بينما يذوق أطفال غزة تحت سماء الدنيا، يذوقون شظف العيش ومرارة الحرمان؟
ظلم وأي ظلم!!
جريمة وأية جريمة!!
والأمر والأدهى أننا نقف مكتوفي الأيدي وأنا منهم نرى فنحزن ثم نصمت ونمر على الموقف مر الكرام، وكأن شيئًا لم يكن.
إنهم ملائكة تطل البراءة من عيونهم، والمحبة من أرواحهم، فلماذا استبدلت البراءة بالحرمان والمحبة بالجوع والعوز؟!!
لماذا نرضى الحرمان لهؤلاء الملائكة؟
ولماذا نرمي ملايين أطباق الطعام في سلال القمامة يوميًا، في حين يتضور مئات الالاف من الأطفال بغزة جوعًا.
أين الرحمة في القلوب؟ ….. قلوب العظام والأكابر والزعماء ورجال الدين؟ …ألم يوزع الله عز وجل الخيرات بالتساوي؟ ألم يجر العدل في الأرض؟ .. ألم يحبب الأطفال من كل لون ومعتقد ومشرب؟ فلماذا نحن اليوم أمام جائع وشبِعٍ ومتخم؟ .
أطفالكم يقلقون ليلاً من التخمة، وأطفالنا بغزة يموتون جوعًا تحت مرأى وسمع الأهل المساكين الباكين.
حان الوقت أن يقول الخيّرون كفى.
حان الوقت أن يصرخ الأطفال الجياع في غزة صرخة واحدة في العالم فيثقبون الكرة الأرضية والآذان الصماء، ويزلزلون الغارقين في النعيم الأرضي.
ماذا أصاب الإنسان؟
ماذا أصابه حتى تخلى عن نفسه، فأعطى مجالا للشر أن ينتشر وللجوع ان يستحوذ.، والخيرات خيرات الله تكفي الجميع وتزيد.
أذكر برنارد شو ولحيته الكثّة وصلعته القاحلة، وفكاهته الشهيرة: أنّ هناك وفرة في الإنتاج وسوءٌ في التوزيع.
أذكره وأضحك ألماً.
أذكره وأشمئز من نفسي ومن غيري.
أذكره وأقول: ما أظلمك ايها الإنسان.
متى سنقول اتركنا يا جوع وارحل، واترك إخوتنا وأطفالنا وأهلنا بغزة، اتركنا والا أجبرناك بالمحبة، وألزمناك بالعدل.
أتراني أحلم؟ أم ان هذا الحلم سيتحقق!!
حتى ذالك الحين وأظنه قريبا أتمنى ان نجد حلاًّ او بعض حل، فالأطفال الجياع بغزة أرق يعتصر القلوب والنفوس، وهم يقتعد ويجثم على صدر البشرية.