الأسد كان هنا ! أمد للإعلام
أمد/ ليس هناك أسوأ من أن يتنكر الشعب السوري و العرب و العالم لرئيس ظل مدة 24 عاما ملتزما وموجها سياساته بإتجاه بلده ، نائيا بنفسه عن الصراعات بالمنطقة ، وعندما وصل الخطر الى بلاده ، قاوم و كانت مجازره مقابل مجازر داعش في الاسواق و التجمعات ، و عندما تخلى عنه حلفاؤه ، رحل في هدوء ، دون ان يقاتل .
تطور الأحداث في سوريا داخليا كانت تشير الى نتيجة واحدة و هي رحيل الأسد ، فتغول ايران و روسيا افقد الجيش العربي السوري هيبته و قيمته كقوة في البلاد في ظل استمرار المواجهة مع الإسلام السياسي سياسيا ان لم يكن عسكريا ، و اضمحلال سلطة الأسد و نفوذه تجاه تلك القوى الاقليمية تشكل اهانة لرئيس عربي قومي بدأ يفقد زمام الأمور في بلاده و على أرضه .
كان اول دلالة على صحة كلامي هو اقالة قائد القوات الروسية فور وصول الأسد لموسكو ويبدو أنه كان نتيجة شكوى الأسد منه قدمت لبوتين ، اي ان الأمور لم تكن على ما يرام ، ناهيك عن ايران التي كانت تعتبر سوريا الحديقة الخلفية لإيران ، و كان قادة الحرس الثوري الإيراني يجعلون منها مسرح عمليات المنطقة عسكريا .
و مع تصاعد وتيرة الأحداث و بسبب تورط ايران في ساحة غزة و لبنان ، وروسيا في اوكرانيا ، رفض الحلفاء الانخراط في جبهة جديدة في سوريا ، او انهم قرروا ان تكون مشاركتهم محدودة وجعل الجيش العربي السوري الذي فقد قيمته في المحرقة او الواجهة .
جميع ما ذكرته جعل الأسد يرحل في هدوء ، دون الدخول في حرب محكوم عليه فيها بالهزيمة قبل ان تبدأ .
روسيا كما هعدناها منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، لا مصداقية لها ، فقد خذلت السادات مما جعله يتجه الى الغرب ، و اليوم كررت نفس الموقف بذات الطريقة مع سوريا ، وكان قمة الخذلان هو اعطاء الرئيس السوري بشار الأسد لجوء انساني كأي أسرة سورية عادية بل أقل من عادية ! مما جعل الرئيس السوري يطالب بشقه في الطابق الأرضي .
كنت اتصور انه عندما يستقيل رئيس دولة ويذهب للعيش في دولة حليفة ان يتم تكريمه وينزعوا عنه صفة اللجوء ويكرموه بصفة الضيف ، و ان يتم تخصيص فيلا و حراسة له و لعائلته و ان يعامل معامل المسؤول لا معاملة العاديين ، ولكن روسيا خذلتنا جميعا ! وكانت اسوأ من كل التوقعات !
***
التيارات الإسلامية و التي غالبا ما تحركها من خلف الكواليس غرفة عمليات مشتركة تركية اسرائيلية تحركت بعد ضوء اخضر من ناتنياهو ، نفذه على الفور اردوغان ، و الواضح ان تلك التنظيمات كانت تجهز للحظة الهجوم منذ سنوات ، على عكس القوات الحكومية التي ركنت للسلام ، و الحل السياسي ، وياللعجب ان يكون واجهة الحراك “ابو محمد الجولاني” زعيم تنظيم داعش سابقا ، وقائد جبهة النصرة ، ورئيس هيئة تحرير الشام حديثا ، و مدى تقبل العالم له نكاية في بشار الأسد ، جعل من التطرف وجهة نظر ، و أنه طريق يمكن او يوصل للسلطة في يوما ما !
لن اسبق الأحداث ولكن اعتقد ان مدرسة المنتصرين في سوريا لا تختلف عن مدرسة المنتصرين في ليبيا و العراق ، و اعتقد ان النتيجة لن تتغير كثيرا ، ولكن لا يجب ان نتخذ منهم موقف العداء الأن ، فربما كانوا مختلفين ، أما عن ترشيح المهندس “محمد البشير” لتشكيل حكومة انقاذ ، فنحن لا نعرف بعد خلفية الرجل السياسية ، و أغلب الظن انه اخوان مسلمون ، لأن هذه الشخصية تم التوافق عليها في الباب العالي في تركيا وليس في سوريا .
على كل نأمل ان ينعم الشعب السوري بالأمن أولا ، ثم الإستقرار و التنمية ، و ان يحافظ المسؤولون الجدد على وحدة أراضي البلاد ، و أن يعدلوا بين العباد ، ولا يكرروا خطأ الأسد في أسلوب عقابة للمناوئين ، و أن الحاكم مهما طال به الزمن فيوجد حتما يوما للرحيل .