أمد/ في الأيام الأخيرة، تصاعدت موجة من الاعترافات الدولية المتتالية بدولة فلسطين، من دول مؤثرة مثل بريطانيا وأستراليا وكندا، وهو ما مثّل خطوة نوعية في كسر الرواية الإسرائيلية التي طالما سعت لطمس الهوية الفلسطينية وحرمان الشعب الفلسطيني من أبسط حقوقه، وعلى رأسها الحق في الدولة المستقلة.

هذا التوجه الدولي المتنامي لم يكن مجرد خطوة رمزية، بل يعكس تحوّلًا ملموسًا في الرأي العام العالمي، وضغطًا متزايدًا على الحكومات الغربية لإعادة النظر في سياساتها المنحازة للكيان المحتل. فقد أظهرت الصور والأحداث الدامية في غزة، وحجم المعاناة المستمرة منذ عقود، حقيقة الاحتلال بلا أقنعة، ما جعل الشعوب تضغط على قادتها لاتخاذ مواقف أكثر إنصافًا.

لكن هذا الاعتراف أثار حفيظة حكومة الاحتلال وأزعجها بشدة، فظهر نتنياهو متجهّمًا متحديًا ومهددًا، مؤكدًا بعبارات متغطرسة أنه “لن تكون هناك دولة فلسطينية”، وكأن الأمر بيده وحده، متجاهلًا الإرادة الدولية والشرعية الأممية. هذا التهديد ليس جديدًا، لكنه يعكس حالة ارتباك يعيشها الاحتلال الذي يدرك أن الجدار الذي بناه على مدى عقود من التضليل والتزييف بدأ يتصدع أمام وعي عالمي متنامٍ.

إن تهديدات نتنياهو ليست سوى محاولة يائسة لفرض معادلة القوة على حساب معادلة الحق، لكنه نسي أو تناسى أن الدول حين تعترف بفلسطين، فإنها تعترف بواقع تاريخي وحق إنساني لا يمكن محوه بالقوة العسكرية ولا بالابتزاز السياسي.

الاعتراف المتسع بفلسطين خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها ليست نهاية المطاف. المطلوب اليوم تحويل هذا الزخم الدولي إلى إجراءات عملية، من دعم سياسي واقتصادي، ومساءلة الاحتلال على جرائمه، وصولًا إلى الضغط من أجل إنهاء الاحتلال بشكل كامل.

إن القلق الذي يعيشه الكيان المحتل نتيجة هذه الاعترافات، هو في ذاته مؤشر على أن الحق بدأ يجد طريقه إلى الساحة الدولية، وأن فلسطين، برغم كل محاولات الطمس، تفرض وجودها كقضية لا يمكن تجاهلها أو إسكاتها.

شاركها.