أمد/ رغم الام وفواجع وكوارث الإبادة الجماعية والمجاعة والامراض الإسرائيلية الأميركية على الشعب العربي الفلسطيني، المستمرة منذ 719 يوما خلت على قطاع غزة، غير انها انتجت وطورت وعمقت اشكال التضامن مع القضية والدولة والمشروع الوطني، التي أسهمت في إحداث تحولات هامة في سياسات الأنظمة الغربية الامبريالية، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، ومن بين عناوين التضامن المتطورة انطلاق اسطول الصمود العالمي بقوام 44 سفينة من نحو 50 جنسية من دول العالم من ميناء بنزرت التونسي فجر 15 أيلول / سبتمبر الحالي متجهة الى قطاع غزة لرفع الحصار وايصال المساعدات الغذائية والدوائية للتخفيف من قيود الحصار الإسرائيلي القاتل المفروض على الشعب منذ 18 عاما وردا على مواصلة توجه الاسطول نحو شواطئ القطاع، أصدرت الخارجية الإسرائيلية بيانا، جاء فيه، إن تل ابيب “لن تسمح للأسطول المتجه الى غزة بخرق الحصار البحري، أو دخول منطقة قتالية نشطة”، معتبرة ان تنظيم الرحلة يخدم أغراض حركة حماس، وان السماح للسفن بالدخول يشكل خرقا للقانون وشروط الأمن.”

في حين أن الهدف الإسرائيلي الحقيقي حرمان الأطفال والنساء والشيوخ الجوعى والمرضى من دعم المتضامنين الامميين، وتعميق الإبادة الوحشية، وتضييق الخناق على حركة التضامن العالمية عموما واسطول الصمود العالمي وغيره من الاساطيل البحرية خصوصا، بذريعة انه “يخدم حركة حماس”، الذريعة التي لم تعد تنطلي على أحد. لأن المستهدف هو الشعب الذي ينزف دما ويموت جوعا، وتفتك به الامراض والاوبئة، ويتساقط جرحاه يوميا وكل ساعة بسبب نقص الادوية وفقدان المستلزمات الطبية الضرورية لمعالجة جراحهم.

ومع ذلك لم يذعن قادة الاسطول واعضائه للبيان الإسرائيلي، ومازالوا مصممين على مواصلة توجههم لشواطئ القطاع، رغم الهجمات الإسرائيلية المتكررة على سفن الاسطول قبل الإبحار وحتى الان اثناء ابحاره، وبالأمس الأربعاء 24 أيلول / سبتمبر تعرضت سفن الاسطول العالمي ل 13 هجوما، والقت المسيرات الإسرائيلية اجساما مجهولة على 10 قوارب تسببت في اضرار عليها، كما تتعرض قواربه لتشويش واسع على الاتصالات، فيما بينها، وبين الاساطيل الأخرى التي ستلتحق به خلال أيام، ومع الانصار في البر العربي والاوروبي والعالمي، حيث أفاد القائمون على الاسطول بتحليق أكثر من 15 مسيرة فوق قارب “الما” خلال 24 ساعة.

وأشارت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة الى تعرض سفينتي “يولارا” و”أوهوايلا” لإطلاق مقذوفات قابلة للاشتعال، فيما سمع دوي انفجار قوي يرجح أن يكون قنبلة صوتية بالقرب من سفينة “دير ياسين”. وشددت اللجنة على ان إسرائيل تشن حملة تضليل لتبرير هجوم عسكري محتمل على السفن، معتبرة أن أي اعتداء على القافلة الإنسانية جريمة حرب وانتهاك للقانون الدولي.

وفي خطوة لتوسيع عملية التضامن البحرية الأهم والاكبر في تاريخ التضامن الإنساني، أعلنت اللجنة الدولية لكسر الحصار أول أمس الثلاثاء 23 سبتمبر، عن توسيع القافلة بالتحاق سفن جديدة يفترض ان تنطلق يوم السبت 27 سبتمبر من ميناء سان جيوفاني لي كوني الإيطالي لكسر الحصار على الفلسطينيين في القطاع. وأضافت اللجنة على منصة “إكس” أن “هذه المجموعة الجديدة من السفن التي لم تحدد عددها، تمت بتنظيم مشترك بين ائتلاف اسطول الحرية ومبادرة اسطول “ألف مادلين نحو غزة”،

ومبادرة “ألف مادلين” هي “تحالف دولي مدني مستقل من متطوعين ونشطاء وعاملين في المجال الإنساني، يهدف لتنظيم اسطول بحري سلمي مكون من ألف سفينة لكسر الحصار وتقديم المساعدات والتوعية والتضامن مع غزة”، وفق موقعها الاليكتروني. وسميت المبادرة بهذا الاسم تكريما لمادلين كلوب أول صيادة فلسطينية في غزة، ولسفينة “مادلين” التي حاولت الوصول الى عزة في حزيران / يونيو الماضي، لكن السلطات الإسرائيلية منعتها.

هذه التجربة العالمية الإنسانية السلمية الرائدة تشكل أحد أوجه التضامن الاممي الهامة والنوعية، والتي تعكس أكثر من بعد مهم، أولا كونها النموذج العالمي الأول من هذا الطراز؛ ثانيا أنها الأكبر عالميا؛ ثالثا اتساع حملة التضامن العالمية، وابداع حركة التضامن الإنسانية في اشتقاق أساليب واشكال نوعية ومتطورة لوقف الإبادة الوحشية على أبناء الشعب الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا، التي هزت الضمير العالمي، وحشرت دولة إسرائيل اللقيطة والمارقة في الزاوية، وزادت من عزلتها العالمية، واستقطبت ملايين البشر من اصقاع الأرض للتضامن مع فلسطين وشعبها المنكوب بالإبادة الإسرائيلية، وانتصرت للسردية الفلسطينية، التي هزمت الرواية الصهيونية الإسرائيلية الكاذبة والمفضوحة.

شاركها.