استرجاع قيمة الدينار.. هدف سيادي
عندما يشار إلى عملة كونها “قوية” و”مرتفعة”، يشير ذلك عادة إلى القوة والقيمة العالية لتلك العملة بالمقارنة مع عملات أخرى، فضلا عن استقرارها. فيما كشف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أنه سيتم العمل مستقبلا على الرفع من قيمة الدينار الجزائري على اعتبار أن ما يحدث اليوم من انخفاض في قيمة الدينار، سببه إجراءات نفذت قبل 2019 وأن طباعة النقود التي تمت في 2018 هي من أسباب التضخم وانهيار قيمة الدينار حاليا.
يشير خبير مالي لـ “” أن قوة العملة تعكس عددا من المؤشرات، بداية بقيمة عالية مقابل عملات أخرى؛ ويعني عملة قوية أن قيمتها مرتفعة مقارنة بعملات أخرى. على سبيل المثال، إذا كان الدولار الأمريكي يعتبر عملة قوية، فذلك يعني أن قيمته مرتفعة مقارنة بالعملات الأخرى مثل الأورو أو الجنيه الإسترليني.
بالمقابل، نجد مؤشر الاستقرار الاقتصادي، فالعملة القوية غالبا ما تعكس استقرارًا اقتصاديًا في البلد الذي تنتمي إليه، ومن ثم فإن اقتصادا قويا ومستقرا عادة ما يعزز القيمة السلبية للعملة. يضاف إلى ذلك ثقة المستثمرين؛ فالعملة القوية عادة ما تكون محط ثقة المستثمرين، الذين يرغبون في استثمار أموالهم في بلد يتمتع باقتصاد قوي وعملة مستقرة.
في السياق نفسه، نجد مؤشر تأثير على التجارة الخارجية، بحيث أن العملة القوية قد تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الصادرات وانخفاض تكاليف الواردات، مما يؤثر على التجارة الخارجية للبلد، فضلا عن التأثير على قطاعات مثل السياحة، إذ قد تؤثر العملة القوية على قطاع السياحة، حيث يمكن أن تزيد التكاليف للسياح القادمين من خارج البلاد وتقلل من جاذبية الوجهات السياحية.
وبشكل عام، يعتبر وجود عملة قوية ومرتفعة إشارة إيجابية للبلد الذي تنتمي إليه، بتداعيات إيجابية على الاقتصاد والقطاعات المختلفة في هذا البلد.
وعن آليات رفع سعر صرف العملة الوطنية، فإنه يمكن أن يتم من خلال عدة آليات ووسائل، ومن بينها سياسة الفائدة من خلال زيادة أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي؛ حيث يمكن أن تجذب رؤوس الأموال وتعزز الطلب على العملة الوطنية، مما يؤدي إلى ارتفاع سعر صرفها، فضلا عن تحفيز الصادرات، بحيث أن دعم الصادرات عن طريق توفير مزايا تنافسية للمصدرين، مثل الدعم المالي أو تخفيضات الضرائب، يمكن أن يزيد من الطلب على العملة الوطنية، وبالتالي يرفع قيمتها.
بالمقابل، هنالك عامل تقليص العرض النقدي؛ فمن خلال تقليل كمية العملة المتداولة في السوق، يمكن أن يساهم في رفع قيمتها، وذلك عن طريق سياسات الضبط النقدي التي يتخذها البنك المركزي. كما يمكن أن يساهم زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة؛ إذ أن استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة يمكن أن يؤدي إلى زيادة الطلب على العملة الوطنية ويساهم في رفع قيمتها.
ومن بين مزايا ارتفاع قيمة العملة بالنسبة للدولة، فإنها تشمل تقليل التضخم، حيث أن ارتفاع قيمة العملة يمكن أن يقلل من تكلفة الواردات، مما يساهم في تقليل التضخم والحفاظ على استقرار الأسعار، فضلا عن زيادة القوة الشرائية؛ فبارتفاع قيمة العملة، يمكن للمواطنين شراء المزيد من السلع والخدمات بنفس الكمية من العملة، مما يزيد من قوتهم الشرائية.
يضاف إلى ذلك جذب واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، من منطلق أن ارتفاع قيمة العملة يجعل الاستثمار في البلاد أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب، مما يمكن أن يسهم في تحفيز نمو الاقتصاد. مقابل ذلك؛ هناك تقليل الديون الخارجية على أساس أن ارتفاع قيمة العملة يمكن أن يقلل من قيمة الديون المستحقة للسداد بالعملة الأجنبية، مما يخفف عبء الديون عن الدولة.
وتحديداً، يمكن أن يؤدي رفع قيمة العملة إلى تحسين الاقتصاد الوطني وتعزيز الاستقرار المالي، ولكن يجب أيضاً مراعاة الآثار السلبية المحتملة، مثل تقليل تنافسية الصادرات وزيادة التوظيف.. والجزائر تبحث عن نموذج اقتصادي يمكنها من تحقيق الإقلاع الاقتصادي الذي يرتكز على اقتصاد إنتاجي قوي، واستقرار أي اقتصاد مرهون بالتوازن بين التيار السلعي، أي مجموع السلع والخدمات النهائية المنتجة في اقتصاد الدولة خلال فترة محددة مع التيار النقدي.
وللحفاظ على هذا التوازن؛ يتعين أن يرتفع الإنتاج مع الحفاظ على الاستقرار في مستوى الأسعار. أما إذا حدث العكس، أي عدم وجود نمو في الإنتاج وارتفعت الأسعار، فذلك يفسّر في انخفاض قيمة العملة المحلية، ومن ثم فإن دعم العملة يترتب عليه تداعيات ايجابية، على أن يكون مسنودا بقاعدة اقتصادية صلبة.