أمد/ الرياض: وقّعت المملكة العربية السعودية وباكستان اتفاقية دفاع مشترك في 17 سبتمبر 2025، خلال زيارة رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف إلى الرياض بدعوة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. الاتفاقية تنص على أن أي اعتداء على أي من البلدين يُعتبر اعتداءً على الآخر، بما يشبه “مبدأ الدفاع المتبادل”. هذا التطور جاء في لحظة جيوسياسية حساسة يشهدها الشرق الأوسط وجنوب آسيا، ويعكس تحولات في موازين القوى والتحالفات الإقليمية.
دوافع الطرفين
1. الدوافع السعودية
• تنويع الشركاء الأمنيين: في ظل التوتر مع إسرائيل، والقلق من تقلص المظلة الأمريكية التقليدية، تسعى الرياض لبناء شبكة أوسع من التحالفات الدفاعية.
• تعزيز الردع الإقليمي: وجود شريك نووي مثل باكستان يمنح السعودية رسالة ردعية قوية تجاه التهديدات الإقليمية.
• التحوط الاستراتيجي: الاتفاق ينسجم مع رؤية السعودية لتقليل الاعتماد على القوى الغربية، خصوصًا بعد الحرب في غزة والتغيرات في السياسة الأمريكية.
2. الدوافع الباكستانية
• دعم اقتصادي وسياسي: الاتفاق يعزز فرص باكستان في الحصول على دعم مالي واستثماري سعودي، في ظل أزماتها الاقتصادية.
• توسيع النفوذ العسكري: باكستان ترى في الاتفاقية فرصة لترسيخ حضورها الأمني في الخليج العربي، وإبراز نفسها كضامن للأمن الإقليمي.
• موازنة النفوذ الهندي: التحالف مع السعودية يُكسب إسلام آباد نقطة قوة في مواجهة نيودلهي، التي عززت علاقاتها بدول الخليج مؤخرًا.
التداعيات الإقليمية والدولية
1. على الخليج والشرق الأوسط
• الاتفاقية تُعزز التوازن الأمني في مواجهة إسرائيل وإيران، وتُشكل رسالة مفادها أن الرياض لم تعد تعتمد فقط على واشنطن.
• قد تدفع الاتفاقية بقية دول الخليج لإعادة تقييم خياراتها الدفاعية، وربما السعي إلى تحالفات مماثلة.
2. على جنوب آسيا
• الهند قلقة من أن الاتفاق يمنح باكستان سندًا إستراتيجيًا يرفع من قدرتها على المناورة إقليميًا، خصوصًا في ملفات كشمير والتوازن العسكري.
• الاتفاق قد يعزز الانقسام الإقليمي بين محور (الهندإسرائيلالولايات المتحدة) مقابل محور (باكستانالسعودية وربما الصين).
3. على النظام الدولي
• الاتفاق يُظهر أن واشنطن لم تعد الضامن الوحيد للأمن الخليجي، ما يعكس تحولاً استراتيجيًا أوسع في توازن القوى العالمية.
• الصين وروسيا قد تنظران إلى الاتفاق بإيجابية، كونه يُضعف الاحتكار الأمريكي للعلاقات الأمنية في المنطقة.
السيناريوهات المستقبلية
1. تعميق التعاون الدفاعي
• يشمل تدريبات مشتركة، تبادل المعلومات الاستخبارية، وربما اتفاقات تسليح.
• احتمال بحث ترتيبات “مظلة نووية غير رسمية” عبر باكستان.
2. تأثير محدود بسبب الضغوط الدولية
• الولايات المتحدة والهند قد تضغطان للحد من عمق التعاون، خوفًا من أي انتقال في ميزان القوى النووي.
3. تصاعد التوتر الإقليمي
• الاتفاق قد يُفسر من قبل إيران وإسرائيل على أنه اصطفاف جديد يهدد مصالحهما، ما قد يزيد من حدة الاستقطاب الإقليمي.
التوصيات
1. للسعودية:
• إدارة الاتفاق بحذر لتجنب مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة.
• تعزيز التعاون الأمني مع باكستان دون تحويله إلى محور عسكري ضد أطراف محددة علنًا.
2. للباكستان:
• الاستفادة من الدعم السعودي لتعزيز الاقتصاد الداخلي.
• ضمان أن الاتفاق لا يُستخدم كورقة لزيادة التوتر مع الهند بل كآلية لتعزيز الردع.
3. للدول الإقليمية:
• مراقبة الاتفاق كجزء من تحولات أوسع في أمن الخليج.
• التفكير في ترتيبات أمن جماعي بدلًا من سباق تحالفات ثنائية فقط.
الخلاصة
اتفاق الدفاع السعوديالباكستاني يُمثل نقطة تحوّل مهمة في معادلات الأمن الإقليمي، إذ يجمع بين دولة خليجية كبرى تمتلك ثقلًا اقتصاديًا عالميًا ودولة نووية محورية في جنوب آسيا. هذا التطور لا يُنظر إليه كخطوة تكتيكية آنية، بل كجزء من إعادة تشكيل عميقة لخريطة التحالفات الأمنية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، بما يفتح الباب لمزيد من التحديات والف