“إكواس” تريد فتح “باب جهنم” على المنطقة
أمام إصرار المجلس العسكري الحاكم في النيجر على عدم العودة إلى الوراء وتشبثه بمرحلة انتقالية مقابل عزم دول بمجموعة “إكواس” التدخل عسكريا لاسترجاع الشرعية وإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم إلى الحكم، تتجه الأوضاع بشكل دراماتيكي نحو تدخل عسكري بأرض إفريقية وبجيوش إفريقية، ستدفع ثمنه شعوب المنطقة وعموم إفريقيا.
على عكس ما كانت عليه الأوضاع خلال الأسبوع الماضي، التي عرفت فيها مؤشرات العملية العسكرية تراجعا كبيرا بالنظر إلى عدة عوامل من بينها حركية الوساطة التي أطلقتها قيادات دينية نيجرية، إلى جانب مواقف الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة التي كانت كلها تصب في اتجاه رفض الحل العسكري وتفضيل الحل السياسي، غيّر اجتماع قادة جيوش منظمة “إكواس”، الخميس الماضي، كل الموازين ودفع بالعملية العسكرية إلى واجهة المشهد.
وحال تباين المواقف وتباعدها بالنسبة لطرفي الأزمة، فمن جهة المجلس العسكري يرفض عودة بازوم إلى الحكم ويدعو لفترة انتقالية لمدة 3 سنوات، في حين تتمسك مجموعة “إكواس” بعودة بازوم إلى السلطة وإنهاء الانقلاب، وكذا تصلب كل طرف على موقفه، حال دون وجود أرضية مشتركة بين الطرفين للتوصل إلى حل يرضي الجميع، خاصة أن المجلس العسكري يتمتع بدعم شعبي متزايد لمواقفه، حيث شهدت العاصمة نيامي، أمس، عشية الإعلان عن الفترة الانتقالية، تجمعات جماهيرية واسعة جدد خلالها المتظاهرون دعمهم لمواقف “المجلس الوطني لحماية الوطن”، كما يستفيد المجلس من مواقف شعبية داخل مجموعة دول “إكواس”، على غرار نيجيريا التي ترفض الحرب وترفض الحل العسكري. كما أبدت فعاليات شعبية وسياسية بدول “إكواس” التي تتعجل التدخل العسكري، على غرار السنغال وكوت ديفوار ونيجيريا، رفضها للتدخل العسكري. وكان قد أكد وفد المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، بقيادة الرئيس النيجيري الأسبق عبد السلام أبو بكر الذي كلف بالتفاوض على مخرج سلمي من الأزمة، عقب لقاء رئيس المجلس العسكري عبد الرحمن تشياني والرئيس المعزول محمد بازوم، أن “هناك أملا بلا شك”، مفيدا بأن زيارة الوفد “ساعدت في إيجاد فسحة لمواصلة المحادثات حتى حل هذه القضية الصعبة”.
من جهتها أكدت الجزائر في بيان أصدرته وزارة الخارجية أنها “تظل فعليا على قناعة قوية بأن هذا الحل السياسي التفاوضي لا يزال ممكنا وبأن السبل التي يمكن أن تـؤدي إليه لم تُسْلك كلها بعد وبأن كل فرصه لم تستنفد بعد”. ونبه البيان إلى أنه “قبل وقوع ما لا تحمد عقباه وقبل أن تدخل المنطقة في دوامة العنف الذي لا يستطيع أحد التنبؤ بعواقبه العديدة، ندعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس والحكمة والتعقل”.
ويطرح تمسك دول من “إكواس” بالتدخل العسكري العديد من الأسئلة، في وقت يمكن للمفاوضات إحداث اختراقات في المشهد بالنظر إلى السيناريوهات الكارثية المنتظر أن تعرفها المنطقة في حال حدث التدخل العسكري الذي لا يعرف أي أحد مآلاته ولا يتحكم المبادرون به في مساراته ولا مآلاته، كون في الجهة المقابلة يوجد تكتل ثلاث دول: النيجر ومالي وبوركينافاسو، إلى جانب حشود شعبية تمت تعبئتها لحمل السلاح، وبالتالي الحرب لن تكون نزهة والوصول إلى بازوم وإعادته إلى قصر الرئاسة، وفق رغبة فرنسا، لن يكون سهل التحقيق، بل سيحول هذا المسلك المنطقة إلى حقل نار ستحرق الجميع.