أمد/ نيويورك: أصدرت أكثر من عشرين دولة مشاركة في المؤتمر الدولي لحل الدولتين في نيويورك بياناً حول تصوراتها للمؤتمر والخطوات التالية لتحقيق “حل الدولتين”.

وجاء البيان باسم الرئيسين المشاركين للمؤتمر: فرنسا والسعودية، كما الرؤساء المشاركين لمجموعات العمل: البرازيل، كندا، مصر، إندونيسيا، أيرلندا، إيطاليا، اليابان، الأردن، المكسيك، النرويج، قطر، السنغال، إسبانيا، تركيا، المملكة المتحدة، الاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية.

ومن المتوقع أن تنضم دول أخرى للبيان في وقت لاحق. وجاء ذلك في اليوم الثاني لأعمال المؤتمر الدولي الذي تشهده نيويورك لتسوية القضية الفلسطينية بشكل سلمي وتنفيذ حل الدولتين.

وجاء البيان في سبع صفحات واثنتين وأربعين فقرة، ومن أبرز ما ورد فيه تأكيده في البداية على أن الدول الموقعة تتفق “على اتخاذ إجراءات جماعية لإنهاء الحرب في غزة، وتحقيق تسوية عادلة وسلمية ودائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس التنفيذ الفعال لحل الدولتين، وبناء مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين وجميع شعوب المنطقة”.

كما جاء في تجديد الدول لإدانتها “لجميع الهجمات التي تشنها أي جهة على المدنيين، بما في ذلك جميع أعمال الإرهاب والهجمات العشوائية، وجميع الهجمات على الأعيان المدنية، وأعمال الاستفزاز والتحريض والتدمير. ونذكّر بأن أخذ الرهائن محظور بموجب القانون الدولي. ونؤكد مجددًا رفضنا لأي إجراءات تؤدي إلى تغييرات إقليمية أو ديموغرافية، بما في ذلك التهجير القسري للسكان المدنيين الفلسطينيين، والذي يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي”.

وجاء فيه: “ندين الهجمات التي شنتها حماس على المدنيين في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول. كما ندين الهجمات التي شنتها إسرائيل على المدنيين في غزة والبنية التحتية المدنية، والحصار والتجويع، والتي أسفرت عن كارثة إنسانية مدمرة وأزمة حماية. لا يوجد مبرر للخروقات التي تشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، وشددنا على ضرورة المساءلة”.

وتابعت الدول في بيانها أن “لا يمكن للحرب والاحتلال والإرهاب والتهجير القسري أن تحقق السلام أو الأمن. الحل السياسي وحده هو القادر على ذلك. إن إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتطبيق حل الدولتين… بناء على ذلك، فقد التزمنا باتخاذ خطوات ملموسة ومحددة زمنيًا ولا رجعة فيها من أجل تسوية سلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين”.

ويتابع البيان أنه، وبناءً على ذلك، فإنّ تلك الدول اتفقت “على دعم هذا الهدف، وفي إطار عملية محددة زمنياً، لإبرام وتنفيذ اتفاقية سلام عادلة وشاملة بين إسرائيل وفلسطين، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومرجعيات مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية، وإنهاء الاحتلال، وحل جميع القضايا العالقة وقضايا الوضع النهائي، وإنهاء جميع المطالبات، وتحقيق السلام العادل والدائم، وضمان الأمن للجميع، وتمكين التكامل الإقليمي الكامل والاعتراف المتبادل في الشرق الأوسط، مع الاحترام الكامل لسيادة جميع الدول”.

غزة

ويشدد البيان على ضرورة إنهاء الحرب في غزة على الفور، ويعرب عن دعمه لجهود الوساطة من أجل “إعادة الأطراف فوراً إلى تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بجميع مراحله، بما يؤدي إلى وقف دائم للأعمال العدائية، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وتبادل الأسرى الفلسطينيين، وإعادة جميع الرفات، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة، وأكدنا مجدداً عزمنا على العمل لتحقيق هذه الأهداف. وفي هذا السياق، يجب على حماس إطلاق سراح جميع الرهائن”.

ويطالب البيان كذلك بـ”إيصال المساعدات الإنسانية فوراً وبشكل آمن وغير مشروط ودون عوائق، وعلى نطاق واسع، عبر جميع المعابر وفي جميع أنحاء قطاع غزة، بالتنسيق مع الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وبما يتماشى مع المبادئ الإنسانية. ويجب أن يشمل ذلك الرفع الفوري للقيود وفتح المعابر الحدودية من قبل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، واستئناف إمدادات الكهرباء، ودخول الوقود والإمدادات الطبية والغذاء والماء وغيرها من المواد الأساسية. وأكدنا مجدداً على ضرورة حماية الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني وتمكينهم من العمل بفعالية. وشددنا على رفضنا لأي استخدام للتجويع كأسلوب من أساليب الحرب، وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي، وعلى أهمية اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة حالات المجاعة المتزايدة بسرعة ومنع انتشارها في غزة”.

وشدد البيان كذلك على أن غزة “جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، ويجب توحيدها مع الضفة الغربية. يجب ألا يكون هناك احتلال أو حصار أو تقليص للأراضي أو تهجير قسري”. كما أكد ضرورة أن تكون الحوكمة وإنفاذ القانون والأمن في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية من اختصاص السلطة الفلسطينية وحدها، مع دعم دولي مناسب. وأكد البيان أنه “في سياق إنهاء الحرب في غزة، يجب على حماس إنهاء حكمها في غزة وتسليم سلاحها إلى السلطة الفلسطينية، بمشاركة ودعم دوليين، بما يتماشى مع هدف إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة”.

وأيد البيان “التنفيذ العاجل لخطة إعادة الإعمار العربيةالتعاونية، بما يسمح بالإنعاش المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة، مع ضمان بقاء الفلسطينيين في أرضهم”. وشجع الدول والشركاء الإقليميين والدوليين على المشاركة الفعالة في مؤتمر إنعاش وإعادة إعمار غزة، المقرر عقده قريباً في القاهرة. وشدد على أنه “بعد وقف إطلاق النار، يجب تشكيل لجنة إدارية انتقالية فوراً للعمل في غزة تحت مظلة السلطة الفلسطينية”.

بعثة دولية

وأيدت الدول الموقعة على البيان كذلك “نشر بعثة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار، بناءً على دعوة من السلطة الفلسطينية، وتحت رعاية الأمم المتحدة، وبما يتماشى مع مبادئها، وبالاستفادة من القدرات الحالية للأمم المتحدة، وبتكليف من مجلس الأمن الدولي، مع توفير الدعم الإقليمي والدولي المناسب”. ورحب البيان باستعداد بعض الدول الأعضاء للمساهمة بقوات.

وأشار إلى أنّ هذه البعثة “يمكن أن تتطور تبعاً للاحتياجات، وستوفر الحماية للسكان المدنيين الفلسطينيين، وتدعم نقل مسؤوليات الأمن الداخلي إلى السلطة الفلسطينية، وتقدّم الدعم لبناء قدرات الدولة الفلسطينية وقواتها الأمنية، وتقدّم ضمانات أمنية لفلسطين وإسرائيل، بما في ذلك مراقبة وقف إطلاق النار واتفاقية السلام المستقبلية، مع الاحترام الكامل لسيادتهما”.

مكافحة التطرف

وأشار البيان إلى التزام الدول الموقعة بـ”دعم التدابير والبرامج الرامية إلى مكافحة التطرف والتحريض ونزع الإنسانية والتطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب والتمييز وخطاب الكراهية عبر جميع المنصات والجهات الفاعلة، وتعزيز ثقافة السلام في المدارس، في إسرائيل وفلسطين، ودعم مشاركة المجتمع المدني والحوار”. كما رحب البيان بالجهود الجارية لتحديث المناهج الفلسطينية، ودعا إسرائيل إلى بذل جهود مماثلة، وأيّد إنشاء آلية مراقبة دولية للتحقق من التزام الجانبين بهذه الأهداف.

سيادة الدولة الفلسطينية وقابليتها للاستمرار اقتصادياً

ورحب البيان بـ”الالتزامات التي أعلنها الرئيس الفلسطيني محمود عباس نيابةً عن فلسطين، والمُعبّر عنها في رسالته المؤرخة في 9 يونيو/ حزيران 2025، بما في ذلك التسوية السلمية للقضية الفلسطينية، والرفض المستمر للعنف والإرهاب”. كما رحب بتصريح الرئيس عباس بأن الدولة الفلسطينية “يجب أن تكون الضامن الوحيد للأمن على أراضيها، لكنها لا تنوي أن تكون دولة مسلحة (أي دولة منزوعة السلاح)”، مع استعدادها للعمل على ترتيبات أمنية تخدم جميع الأطراف، وتحظى بالحماية الدولية الكافية.

كما رحب البيان “بالتزام الرئيس عباس بإجراء انتخابات عامة ورئاسية ديمقراطية وشفافة في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، خلال عام، برعاية دولية، مما يتيح التنافس الديمقراطي بين الأطراف الفلسطينية الملتزمة باحترام البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، والتزاماتها الدولية، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”.

ودعا البيان القيادة الإسرائيلية إلى “إصدار التزام علني واضح بحل الدولتين، بما في ذلك دولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للحياة، وإنهاء العنف والتحريض ضد الفلسطينيين على الفور، ووقف جميع أنشطة الاستيطان والاستيلاء على الأراضي والضم في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، والتخلي علنًا عن أي مشروع ضم أو سياسة استيطانية، ووضع حد لعنف المستوطنين، بما في ذلك من خلال تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 904 وسن تشريعات لمعاقبة وردع المستوطنين العنيفين وأعمالهم غير القانونية”.

حل الدولتين ومواجهة الإجراءات الأحادية غير القانونية

وأكد البيان “المعارضة الشديدة لجميع الإجراءات غير القانونية التي تقوض حل الدولتين من كلا الجانبين، بما في ذلك الأنشطة الاستيطانية”، كما أعرب عن التزام الدول “باتخاذ تدابير ملموسة، وفقًا للقانون الدولي، وبما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 19 يوليو/ تموز 2024، للمساعدة في إعمال حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، ومواجهة سياسة الاستيطان غير القانونية، بما فيها القدس الشرقية، وسياسات التهجير القسري والضم”.

ودعا البيان إلى “الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، وأكد على الدور المحوري للوصاية الهاشمية في هذا الصدد، ودعم دور دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة للأردن”. كما شدد البيان على التزام الدول بـ”اتخاذ تدابير تقييدية ضد المستوطنين المتطرفين العنيفين، والجهات والأفراد الداعمين للمستوطنات غير الشرعية، وفقاً للقانون الدولي”، وكذلك “اتخاذ إجراءات ضد من ينتهكون مبدأ التسوية السلمية من خلال العنف أو الإرهاب أو خرق القانون الدولي”.

الدمج الإقليمي

وأشار البيان إلى اتفاق الدول على “دعم تجديد الجهود على المسارين السوري الإسرائيلي واللبناني الإسرائيلي بالتوازي مع اتفاق سلام بين فلسطين وإسرائيل، بهدف تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط، وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”.

وتلتزم الدول “بتمهيد الطريق لـ”يوم سلام” مستقبلي، بناءً على مبادرة السلام العربية، و”حزمة دعم السلام الأوروبية”، وغيرها من المساهمات الدولية، بما يعود بفوائد واضحة على الفلسطينيين والإسرائيليين والمنطقة، في مجالات التجارة، والبنية التحتية، والطاقة، والتكامل الإقليمي، مما يعزز بنية أمنية إقليمية تحترم حقوق وسيادة جميع الشعوب والدول”.

وفي هذا السياق، قررت الدول “استكشاف هيكل أمني إقليمي يوفر ضمانات للجميع، مستندًا إلى تجارب مثل رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE)، ما يمهّد لشرق أوسط أكثر استقرارًا، إضافة إلى إطار لحل قضية اللاجئين، مع التأكيد على حق العودة”.

ويختم البيان بالتأكيد على أن هذا الإعلان وملحقه يعكسان نتائج مجموعات العمل الثمانية التي شاركت في المؤتمر، والتي “تحدّد إطارًا شاملًا وقابلاً للتنفيذ للتسوية السلمية وتنفيذ حل الدولتين، عبر خطة عمل واضحة ومحددة زمنيًا، تشمل الأبعاد السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية والقانونية”. كما أشار إلى إمكانية انضمام دول أخرى للبيان لاحقًا. وكانت فرنسا قد وزّعت مسودة أولية تضمّنت نقاطًا مهمة لم تحظَ بالإجماع.

 

شاركها.