إعادة بناء الإنسان الفلسطيني هي طريق تحرير الأرض وتعزيز صموده وإعادة بناء الوطن واستقلاله ..!
أمد/ الشعب الفلسطيني يواجه منذ عقود طويلة واقعًا صعبًا تحت الاحتلال، يهدد وجوده وهويته وحقوقه.
ومع ذلك، أثبت الفلسطينيون عبر التاريخ قدرتهم على الصمود والمقاومة، لكن الصمود وحده لا يكفي.
لتحقيق التحرر الوطني، وبناء مستقبل مشرق ومستقل، لابد من إعادة بناء الإنسان الفلسطيني ليكون الأساس المتين لإعادة بناء الوطن واستقلاله.
الإنسان الفلسطيني وموقعه في الصراع الإنسان الفلسطيني هو محور النضال الوطني.
فهو الذي يحمل الراية ويقاوم الاحتلال بكل أشكاله جيلا بعد جيل، سواء كان ذلك عبر الكفاح المسلح، المقاومة الشعبية، أو النضال السياسي والدبلوماسي.
ومع ذلك، فإن الاحتلال لم يكتفِ بمحاولة السيطرة على الأرض، بل استهدف الإنسان الفلسطيني في هويته وإرادته، في ثقافته، وتعليمه، محاولًا إضعاف قدرته على المقاومة والصمود والتحرر.
محاور إعادة بناء الإنسان الفلسطيني أولا:
البعد الوطني والهوية:
يجب تعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية في نفوس الأجيال، من خلال التربية والتعليم والإعلام.
فالوعي الوطني القائم على معرفة التاريخ الفلسطيني والحقوق المشروعة هو حجر الزاوية في الحفاظ على القضية.
يجب أن يشعر كل فلسطيني بأنه جزء من مشروع تحرري أكبر، وأن يكون لديه إحساس بالمسؤولية تجاه وطنه وشعبه وتحرره.
ثانيا: البعد التعليمي والثقافي:
التعليم هو أحد أسلحة الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال وقد عنيَ الشعب الفلسطيني بالتعليم منذ بداية نكبته كي يتغلب على إثارها الكارثية، التعليم الجيد لا يعزز فقط القدرات الفردية، بل يبني أيضًا مجتمعا وشعبًا واعيًا قادرًا على الابتكار ومواجهة التحديات.
الثقافة بدورها تُعزّز الانتماء وتعكس التحديات التي يواجهها الفلسطينيون، مما يُسهم في الحفاظ على الهوية الثقافية والقومية وتدعم صموده فوق أرضه، من هنا جاء اهتمام م.ت.ف وسلطتها الوطنية بالتعليم في كل مراحله.
ثالثا: البعد الاقتصادي والاجتماعي:
الاحتلال يحاول تدمير الاقتصاد الفلسطيني لإضعاف عناصر صمود الإنسان الفلسطيني.
لذلك، إعادة بناء الإنسان الفلسطيني تشمل تمكينه اقتصاديًا من خلال دعم المشاريع الصغيرة، تعزيز الاقتصاد المحلي، وإيجاد فرص عمل تلبي احتياجات الشعب الفلسطيني في الحياة الكريمة والثبات والصمود حتى ينتزع ويسترد حقوقه الوطنية المشروعة غير منقوصة.
كما يجب العمل على تحسين النسيج الاجتماعي وتعزيز التكافل بين أفراد الشعب الفلسطيني ونبذ كافة مواقف وآراء الشرذمة والتفتيت لما فيها من اضعاف له وتشتيت لقواه تمكن عدوه من استمرار السيطرة عليه، وذلك لمواجهة الضغوطات والإجراءات التي يفرضها عليه واقع الاحتلال.
رابعا: البعد النفسي والأخلاقي:
أن سنوات الاحتلال قد تركت آثارًا نفسية عميقة على الفلسطينيين، خاصة الأطفال والشباب.
لذا، يجب توفير الدعم النفسي والاجتماعي لهم للتخفيف من تلك الآثار السلبية.
كما ينبغي تعزيز القيم الأخلاقية مثل التضامن، الإيثار، وحب الوطن، الإخلاص والوفاء وروح العمل الفردي والجمعي على السواء لتكون هذه القيم منارة للشباب الفلسطيني في نضاله وفي بناء مستقبله.
إن إعادة بناء الإنسان الفلسطيني تعني إعادة بناء القوة الوطنية الفلسطينية التي على صخرتها تتحطم سياسات الإحتلال وخططه في تصفية القضية الفلسطينية.
الإنسان الفلسطيني الواعي والوطني يُصبح قادرًا على مواجهة الاحتلال بطرق مبتكرة ومؤثرة، ويستطيع أن ينقل عدالة قضيته إلى العالم بشكل أقوى، كما أن الشعب الذي يستثمر في بناء ذاته يكون أكثر قدرة على تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسامات والتشرذمات الداخلية ووضع حدٍ للتدخلات الخارجية التي تضعف القضية وشعبها.
ختاما نقول إن إعادة بناء الإنسان الفلسطيني ليست مجرد خيارًا كماليا، بل هو خيارا ضروريا، تحتمه الضرورة لاستمرار النضال الوطني من أجل التحرر والتحرير واستعادة الحقوق المشروعة غير القابلة للتصرف.
هذه العملية ليست عملية سهلة وبسيطة، لذا تتطلب جهدًا كبيرا مدروسا ومشتركًا من قبل النخب والقيادات السياسية، والمؤسسات التعليمية، الثقافية، والدينية، ومؤسسات المجتمع المدني.
فالإنسان الفلسطيني سيبقى هو السلاح الأقوى والأمضى في معركة التحرير وتعزيز صموده فوق أرضه، وإعادة بنائه تعني تمهيد الطريق لبناء وطن حر متقدم ومستقل.
كما قال أحد الحكماء: “الإنسان هو مشروع المستقبل، فإن أردنا تحرير الأرض، فلنبدأ بتحرير الإنسان وبنائه.”