اخر الاخبار

إعادة إعمار غزة.. من يتحمل تكلفة النكبة؟ 

أمد/ من يشاهد فرحة أهالي غزة بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار قد يعتقد أن آثار ما حدث في القطاع يمكن تجاوزها بسهولة. ولكن مع متابعة الأحداث منذ بدايتها، يتضح حجم الكارثة التي لحقت بالقطاع، سواء من الناحية الإنسانية أو البنية التحتية.

الدمار الذي أصاب غزة ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لمعاناة طويلة عانى خلالها القطاع من الصراع والتوترات. ومع ذلك، فإن الأحداث الأخيرة بعد عملية «طوفان الأقصى» شهدت تصعيدًا غير مسبوق، حيث استغلت حكومة الاحتلال الإسرائيلي ما حدث في 7 أكتوبر لتبرير العمليات العسكرية التي ألحقت أضرارًا واسعة وغير مسبوقة داخل القطاع.

صمود رغم المأساة 

 

رغم المأساة، أظهر شعب غزة صمودًا استثنائيًا، ورفضًا للتهجير القسري، وتمسكًا بحقه في الأرض، إلا أن الثمن كان باهظًا، حيث تجاوز عدد الشهداء والجرحى عشرات الآلاف، وتم تدمير نسبة كبيرة من البنية التحتية، مما أعاد القطاع عقودًا إلى الوراء.

إعادة إعمار غزة أصبحت تحديًا كبيرًا، حيث تشير التقديرات إلى حاجة القطاع إلى أكثر من 80 مليار دولار لتغطية الخسائر وإصلاح ما دمرته الحرب. الأضرار شملت 70% من المساكن، 99% من الجامعات، و90% من المنشآت الاقتصادية، مما يجعل التعافي الاقتصادي مهمة ضخمة تتطلب تعاونًا دوليًا واسع النطاق.

أرقام مُخيفة 

 

إضافة إلى ذلك، تعرض القطاع المالي لضربة كبيرة مع تدمير 93% من فروع المصارف، مما أدى إلى خسائر مالية تجاوزت مليار دولار نتيجة القروض المتعثرة. وكان لهذا الانهيار تأثير كبير على الناتج المحلي الفلسطيني، حيث تراجعت مساهمة قطاع غزة من ثلث الناتج إلى أقل من 17%.

كما دُمِّر 65% من شبكات الطرق و69% من المستشفيات، بالإضافة إلى تضرر 70% من منشآت المياه والصرف الصحي، ما يهدد حياة السكان ويُصعّب ظروفهم اليومية.

مع نهاية عام 2024، من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 28% بسبب الانهيار الكبير في اقتصاد غزة، إضافة إلى التراجع في الضفة الغربية، حيث شهدت القطاعات الإنتاجية مثل الإنشاءات والزراعة انخفاضًا ملحوظًا.

إصرار على الحياة 

 

وقف إطلاق النار لا يمكن أن يكون مجرد هدنة مؤقتة، بل يجب أن يكون خطوة نحو إيجاد حل شامل للصراع. شعب غزة، رغم الكارثة الإنسانية التي تعرض لها، يظهر إصرارًا على الحياة وبناء مستقبل أفضل. ولكن تحقيق ذلك يتطلب دعمًا دوليًا لإعادة الإعمار وخلق بيئة صالحة للحياة.

إعادة بناء البنية التحتية، خاصة في قطاع التعليم، تُعدّ أولوية، لكنها تحتاج إلى رؤية سياسية شاملة تُركّز على وقف العنف وتحقيق الاستقرار. مشهد عروسين يحتفلان بزفافهما وسط الدمار يعبّر عن روح الحياة التي يتمسك بها أهل غزة، وعن إيمانهم بأن المستقبل يحمل الأمل.

إعادة إعمار غزة ليست مجرد تحدٍ مالي، بل هي أيضًا تحدٍ سياسي. تحقيق السلام العادل والشامل، القائم على حل الدولتين، هو السبيل الوحيد لإنهاء هذا الصراع الممتد وضمان مستقبل مستدام وآمن للأجيال القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *